@ 172 @ أخو عثمان المذكور ولما التقى الجمعان اختل مصاف السلطان أبي الحسن واستبيح معسكره وانتبهت فساطيطه وقتل ابنه الناصر وظهر يومئذ من بسالته وصدق دفاعه وشدة حملاته حتى أنه أركب ظعائنه وخلص محاميا عنها واحتمل ولده جريحا فتوفي بالطريق فواراه في التراب وأخفى قبره ثم خلص إلى الصحراء مع وليه ونزمار بن عريف بن يحيى السويدي ولحق بحلل قومه قبلة جبل وانشريس وأجمع أمره على قصد المغرب موطن قومه ومنبت عزه ودار ملكه فارتحل معه وليه ونزمار بالناجعة من قومه وخرجوا إلى جبل راشد ثم قطعوا المفاوز إلى سجلماسة في القفر فلما أطلوا عليها وعاين أهلها السلطان تهافتوا عليه تهافت الفراش على ضوء السراج حتى خرج إليه العذارى من ستورهن ميلا إليه ورغبة في ولايته وفر العامل بسجلماسة إلى منجاته .
وكان الأمير أبو عنان لما بلغه الخبر بقصد أبيه سجلماسة نهض إليه في قومه وجموعه بعد أن أزاح عللهم وأفاض عطاءه فيهم وكانت بنو مرين نافرة عن السلطان أبي الحسن حاذرة من عقوبته لجنايتهم بالتخاذل في المواقف والفرار عنه في الشدائد ولما كان يبعد بهم في الأسفار ويتجشم بهم المهالك والأخطار فكانوا لذلك مجمعين على منابذته ومخلصين في طاعة ابنه ولما اتصل خبر قدومهم بالسلطان أبي الحسن علم من حاله أنه لا يطيق دفاعهم وكان ونزمار قد أجفل عنه في قومه سويد لأن أباه عريف بن يحيى كان قد نزع إلى أبي عنان قبل قدوم السلطان من تونس فأكرم محله ورفع منزلته فكتب إلى ابنه ونزمار ينهاه عن ولاية السلطان أبي الحسن ومظاهرته له وأقسم له لئن لم يفارق السلطان ليوقعن بابنه عنتر وكان معه في جملة الأمير أبي عنان فآثر ونزمار رضا أبيه وعلم أن غناءه عن السلطان في وطن المغرب قليل فأجفل عنه ولحق بسكرة فكان بها إلى أن رجع إلى أبي عنان بعد هذا ولما قرب أبو عنان من سجلماسة أجفل السلطان عنها إلى ناحية مراكش ودخل أبو عنان سجلماسة فثقف أطرافها وسد فروجها وعقد عليها ليحتاتن بن عمر بن عبد المؤمن كبير بني ونكاسن وبلغه أن أباه قد سار إلى مراكش فاعتزم على اتباعه إليها فلم تطاوعه بنو مرين فرجع بهم إلى فاس إلى أن كان ما نذكره