@ 116 @ $ القول في نسب البربر وبيان أصلهم $ .
أعلم أن الناس اختلفوا في تحقيق نسب البربر وإلى أي اصل من أصول الخليقة يرجعون فذكر صاحب كتاب الجمان في أخبار الزمان ونقله عن أهل العلم بالسير أن بني حام تنازعوا مع بني سام فانهزم بنو حام أمامهم إلى المغرب وتناسلوا به واتصلت شعوبهم من أرض مصر إلى آخر المغرب إلى تخوم السودان وكان بسواحل المغرب الأفارقة والإفرنج فكانت ذرية حام في المداشر والخيام والأعاجم الأول في البلدان وبقي أكثر أولاد حام في بلاد فلسطين من أرض الشام إلى زمن داود عليه الصلاة والسلام وكان ملكهم يسمى جالوت فلما قتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء أمر بإجلائهم من بلاد كنعان وفلسطين إلى أرض المغرب فساروا نحو إفريقية والزاب وانتشروا هنالك حتى ضاقت بهم تلك البلاد وامتلأت منهم الجبال والكهوف والرمال وصاروا يتبعون مواقع القطر بالإبل وبيوت الشعر ولم تقدر الفرنج على ردهم ودفاعهم فانحازت الأعاجم للمدن وبقي البربر فيما عدى المدن وهم مع ذلك على أديان مختلفة يدين كل واحد منهم بما شاء من الأديان الفاسدة فمنهم من تمجس ومنهم من تهود ومنهم من تنصر واستمروا على ذلك إلى زمان الإسلام وكان فيهم رؤساء وملوك وكهان ولهم حروب وملاحم عظام مع من قارعهم من الأمم .
وقال الطبري وغيره إن البربر أخلاط من كنعان والعماليق وغيرهم فلما قتل داود جالوت تفرقوا في البلاد .
وقال الكلبي اختلف الناس فيمن أخرج البربر من الشام فقيل داود بالوحي قيل يا داود أخرج البربر من الشام فإنهم جذام الأرض وقيل يوشع بن نون عليه السلام وقيل إفريقش الحميري واختلف في إفريقش هذا فقال المسعودي هو إفريقش بن أبرهة ذي المنار أحد التبابعة المشهورين