@ 122 @ على خمسة آلاف من آنجاد بني مرين وأنفذهم مع ابن الأحمر لمنازلة جبل الفتح فاحتل أبو مالك بالجزيرة الخضراء وتتابعت إليه الأساطيل بالمدد وأرسل ابن الأحمر في الأندلس حاشرين فتسايل الناس إليه من كل جهة وزحفوا جميعا إلى الجبل وأحاطوا به وأبلوا في منازلته البلاء الحسن إلى أن فتحوه سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة واقتحمه المسلمون عنوة ونفلهم الله من كان به من النصارى بما معهم وشرع المسلمون في شحنه بالأقوات ينقلونها من الجزيرة الخضراء على خيولهم خوفا من كرة العدو وباشر نقلها الأميران أبو مالك وابن الأحمر بأنفسهما ونقلها الناس عامة وتحيز الأمير أبو مالك إلى الجزيرة الخضراء وترك بالجبل يحيى بن طلحة بن محلي من وزراء أبيه ووصل الطاغية بعد ثلاث من فتحه فأناخ عليه وحاصره وبرز أبو مالك بعساكره من الجزيرة فنزل بإزائه وزحف ابن الأحمر فنزل بإزائه أيضا ثم خاف ابن الأحمر عادية العدو لقرب العهد بارتجاع الجبل وخفة من به من الحامية والسلاح فبادر إلى لقاء الطاغية وسبق الناس إلى فسطاطة عجلا بائعا نفسه من الله في رضا المسلمين وسد خلتهم فتلقاه الطاغية راجلا حاسرا إعظاما له وأجابه إلى ما سأل من الإفراج عن هذا المعقل وأتحفه بذخائر مما لديه وارتحل من فوره وشرع الأمير أبو مالك في تحصين ذلك الثغر وسد فروجه .
وقال أبو العباس المقري في النفخ ارتجع السطلان أبو الحسن جبل طارق بعد أن أنفق عليه الأموال وصرف إليه الجنود والحشود ونازلته جيوشه مع ولده وخواصه وضيقوا به إلى أن استرجعوه ليد المسلمين واهتم ببنائه وتحصينه وأنفق عليه أحمال المال في بنائه وحصنه وسوره وبنى أبراجه وجامعه ودوره ومحاربيه ولما كاد يتم ذلك نازله العدو برا وبحرا فصبر المسلمون وخيب الله سعي الكافرين فأراد السلطان المذكور أن يحصن سفح الجبل بسور محيط به من جميع جهاته حتى لا يطمع عدو في منازلته ولا يجد سبيلا للتضييق عليه بمحاصرته ورأى الناس ذلك من المحال فأنفق الأموال وأنصف العمال فأحاط بمجموعه إحاطة الهالة بالهلال وكان بقاء هذا الجبل بيد العدو نيفا وعشرين سنة وحاصره السلطان أبو الحسن ستة