@ 120 @ وأعمل الحيلة بأن دس الى أخيه الأمير أبي علي صاحب سجلماسة في اتصال اليد به والاتفاق معه على أخيه أبي الحسن وأن يأخذ كل واحد منهما بحجزته عن صاحبه ويشغله عنه حتى يتمكنا منه ووعده أبو تاشفين ومناه ولم يزل به حتى انتقض على أخيه ونهض من سجلماسة إلى درعة فقتل عاملها وولى عليها عاملا من قبله ثم سرح العساكر إلى جهة مراكش وأجلب عليها بخيله ورجله .
واتصل الخبر بالسلطان أبي الحسن وهو بمعسكره من تاسالت ينتظر قدوم الحفصي عليه فانكفأ راجعا إلى الحضرة مجمعا الانتقام من أخيه ولما انتهى في طريقه إلى حصن تاوريرت شحنه بالعسكر وعقد عليه لابنه تاشفين بن أبي الحسن ووقف أمره على نظر منديل بن حمامة شيخ بني تيربعين ثم أغذ السير إلى سجلماسة فنزل عليها وأخذ بمخنقها وحشر الفعلة والصناع لصنع الآلات والبناء بساحتها وأقام عليها يغاديها بالقتال ويراوحها حولا كاملا ونهض أبو تاشفين في عساكره من تلمسان يريد الغارة على أطراف المغرب كي يشغل أبا الحسن عن أخيه بذلك فانتهى إلى تاوريرت فبرز إليه تاشفين بن ابي الحسن في عساكر مرين فهزموه وردوه على عقبه إلى تلمسان ثم بعث بحصة من جنده مددا للأمير أبي علي فتسربوا إلى سجلماسة جماعات وأفذاذا حتى تكاملوا لديه فلم يغنوا شيئا وطاولهم السلطان أبو الحسن الحصار أنزل بهم أنواع النكال حتى اقتحم البلد عنوة تاسع عشر محرم سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وتقبض على الأمير أبي علي عند باب قصره وجيء به إلى أخيه أبي الحسن وقد خامره الجزع فلما مثل بين يديه تضرع إليه وقبل حافر فرسه فأمر أبو الحسن بتثقيفه وحمله على بغل إلى فاس وانكفأ هو راجعا إلى الحضرة فلما دخلها اعتقل أخاه ببعض حجر القصر أشهرا ثم قتله فصدا وخنقا وكانت سن أبي علي يومئذ سبعا وثلاثين سنة وكانت دولته بسجلماسة تسع عشرة سنة وأشهرا وكان رقيق الحاشية ينتمي إلى الأدب وهو الذي استقدم ابا محمد عبد المهيمن الحضرمي من سبتة واستكتبه أيام أبيه ومن شعر الأمير أبي علي يخاطب أخاه أبا الحسن أيام حصاره له بسجلماسة وقد أيقن بزوال أمره