@ 38 @ والأمر لله وحده وانقرض أمر ابن هود عن أمد قريب واستمرت دولة ابن الأحمر في عقبه إلى آخر المائة التاسعة ولما استتب أمر ابن الأحمر بالأندلس عقد السلم مع الطاغية على أن ينزل له عن جميع بسائط عرب الأندلس فنزل له عنها أجمع ولجأ بالمسلمين إلى سيف البحر معتصمين بأوعاره ومتشبثين بمعاقله وحصونه واختار ابن الأحمر لنزوله مدينة غرناطة واتخذها كرسي مملكته وابتنى بها لسكناه حصن الحمراء .
وكان ابن الأحمر هذا يدعى بالشيخ وكان قد عهد إلى ولده القائم من بعده محمد المعروف بالفقيه لانتحاله طلب العلم في صغره وأوصاه إذا نابه أمر من العدو أو وصل إليه مكروه أن يستنصر عليه ببني مرين ويدرا بهم في نحره ويجعلهم وقاية بين العدو وبين المسلمين فلما تكالب الطاغية على بلاد الأندلس بادر محمد الفقيه إلى العمل بإشارة والده وأوفد مشيخة الأندلس كافة على السلطان يعقوب رحمه الله فلقيه وفدهم منصرفا من فتح سجلماسة فتبادروا للسلام عليه وألقوا إليه كنه الخبر عن كلب العدو على المسلمين وثقل وطأته فحيا وفدهم واستبشر بمقدمهم وبادر لإجابة داعي الله وإيثار الجنة وكان السلطان يعقوب رحمه الله منذ أول أمره مؤثرا عمل الجهاد كلفا به مختارا له لو أعطي الخيار على سائر أعماله حتى لقد كان اعتزم على الغزو إلى الأندلس أيام أخيه الأمير أبي بكر وطلب إذنه في ذلك فلم يأذن له فكان في نفسه من ذلك شغل وله إليه صاغية فلما قدم عليه هذا الوفد نبهوا عزيمته وأيقظوا همته فأعمل في الاحتشاد وبعث في النفير ونهض من فاس في شوال سنة ثلاث وسبعين وستمائة فوصل إلى طنجة وأقام هنالك وجهز خمسة آلاف من قومه أزاح عللهم وأجزل أعطياتهم وعقد عليهم لابنه أبي