@ 15 @ $ انتقاض أهل فاس على الأمير أبي بكر ومحاصرته إياهم $ .
لما استولى الأمير أبو بكر على المغرب وملك مدينة فاس كما ذكرنا نهض في ربيع الأول سنة سبع واربعين وستمائة إلى معدن العوام من بلاد فازاز لفتح بلاد زناتة وتدويخ نواحيها واستخلف على فاس مولاه السعود بن خرباش من جماعة الحشم أحلاف بني مرين وكان الأمير أبو بكر لما فتح فاسا استبقى من كان فيها من عسكر بني عبد المؤمن من غير نسبهم على الوجه الذي كانوا عليه من الخدمة مع الموحدين وكان من جملتهم طائفة من النصارى نحو المائتين وعليهم قائد منهم يقال له شريد الفرنجي فكانوا من حصة السعود هنالك فوقعت بينهم وبين شيعة الموحدين من أهل فاس مداخلة وعزم الفاسيون على الفتك بالسعود وتحويل الدعوة إلى المرتضى فاجتمعوا إلى القاضي أبي عبد الرحمن المغيلي وفاوضوه في ذلك فوافقهم على رأيهم فاستدعوا شريدا وقالوا له تقتل هذا الأسود وتضبط البلد حتى نكتب إلى المرتضى فيبعث إلينا من يقوم بأمرنا فأجابهم إلى ذلك وكان ميله إلى الموحدين وهواه معهم لكونه صنيعتهم وكان الذي مشى في هذه الثورة وتولى كبرها المشرف ولد القاضي المذكور وابن جشار وأخوه وابن أبي طاط وولده .
فلما كانت صبيحة الثلاثاء الموفي عشرين من شوال سنة سبع وأربعين وستمائة طلع الأشياخ المذكورون إلى القصبة للسلام على السعود على عادتهم في ذلك فدخلوا عليه بمجلس حكمه وهاجوه ببعض المحاورات فغضب وانتهرهم فوثبوا به ونادوا بشعارهم وكان شريد الفرنجي واقفا في عسكره أمام القصبة قد وأطأهم على ذلك فاقتحم على السعود فقتله وقتل معه أربعين من رجاله واحتز العامة رأسه ورفعوه على عصا وطافوا به في أسواق البلد وسككها واقتحموا القصر فانتهبوه وسبوا الحرم ونصبوا النصراني لضبط البلد وبعثوا ببيعتهم إلى المرتضى صاحب مراكش واتصل الخبر بالأمير أبي بكر وهو منازل بلاد فازاز فأفرج عنها وأخذ السير إلى فاس فأناخ عليها بعساكره وشمر لحصارها وقطع المادة عنها