@ 261 @ بذهاب دولتهم والبقاء لله وحده لا رب غيره ولا معبود سواه .
ولنذكر ما كان في هذه المدة من الأحداث .
ففي سنة إحدى وستمائة توفي الشيخ أبو العباس أحمد بن جعفر الخزرجي المعروف بالسبتي دفين مراكش وذلك يوم الاثنين الثالث من جمادى الآخرة من السنة المذكورة ودفن خارج باب تاغزوت وكان شيخه أبو عبد الله الفخار من أصحاب القاضي أبي الفضل عياض .
وكان الشيخ أبو العباس رضي الله عنه جميل الصورة أبيض اللون حسن الثياب فصيح اللسان قادرا على الكلام لا يناظره أحد إلا أفحمه حتى كأن مواقع الحجج من الكتاب والسنة موضوعة على طرف لسانه وكان مع ذلك حليما صبورا عطوفا يحسن إلى من يؤذيه ويحلم عمن يسفه عليه برا باليتامى والمساكين رحيما بهم يجلس حيث أمكنه الجلوس من الأسواق والطرقات ويحض الناس على الصدقة ويأتي بما جاء في فضلها من الآيات والآثار فتنثال عليه من كل جانب فيفرقها على المساكين وينصرف وكان له مع الله تعالى في التوكل عليه عقد أكيد ومقام حميد قد ظهر أثره على روضته المباركة بعد وفاته .
حدث أبو القاسم عبد الرحمن بن إبراهيم الخزرجي قال بعثني أبو الوليد بن رشد من قرطبة وقال لي إذا رأيت أبا العباس السبتي بمراكش فانظر مذهبه واعلمني به قال فجلست مع السبتي كثيرا إلى أن حصلت على مذهبه فأعلمته بذلك فقال لي أبو الوليد هذا رجل مذهبه أن الوجود ينفعل بالجود .
وقال الوزير ابن الخطيب كان سيدي أبو العباس السبتي رضي الله عنه مقصودا في حياته مستغاثا به في الأزمات وحاله من أعظم الآيات الخارقة للعادة ومبنى أمره على انفعال العالم عن الجود وكونه حكمة في تأثر الوجود له في ذلك أخبار ذائعة وأمثال باهرة