@ 238 @ وفر إلى الجبل وقتل كثير من جيشه .
ودخل المأمون حضرة مراكش وبايعه الموحدون وصعد المنبر بجامع المنصور وكان علامة أديبا بليغا فخطب الناس ولعن المهدي على المنبر وقال لا تدعوه بالمهدي المعصوم وادعوه بالغوي المذموم ألا لا مهدي إلا عيسى وإنا قد نبذنا أمره النحس ولما انتهى إلى آخر خطبة قال معشر الموحدين لا تظنوا أني أنا إدريس الذي تندرس دولتكم على يده كلا إنه سيأتي بعدي إن شاء الله .
ثم نزل وأمر بالكتب إلى جميع البلاد بمحو اسم المهدي من السكة والخطبة وتغيير سننه التي ابتدعها للموحدين وجرى عليها سلفهم ونعى عليها النداء للصلاة باللغة البربرية وزيادته في أذان الصبح ولله الحمد وغير ذلك من السنن التي اختص بها المهدي وأمر بتدوير الدراهم التي ضربها المهدي مربعة وقال كل ما فعله المهدي وتابعه عليه أسلافنا فهو بدعة ولا سبيل إلى إبقائه وأبدا في ذلك وأعاد .
ثم دخل قصره فاحتجب عن الناس ثلاثا ثم خرج في اليوم الرابع فأمر بأشياخ الموحدين وأعيانهم فحضروا بين يديه فقال لهم يا معشر الموحدين إنكم قد أظهرتم علينا العناد وأكثرتم في الأرض الفساد ونقضتم العهود وبذلتم في حربنا المجهود وقتلتم الإخوان والأعمام ولم ترقبوا فيهم إلا ولا ذمام ثم أخرج كتاب بيعتهم الذي بعثوا به إليه واحتج عليهم بنكثهم الذي نكثوا بعده فقامت الحجة عليهم فبهتوا وسقط في أيديهم والتفت إلى قضية المكيدي وكان بإزائه قد قدم معه من إشبيلية فقال له ما ترى ايها القاضي في أمر هؤلاء الناكثين فقال يا أمير المؤمنين إن الله تعالى يقول ! < فمن نكث فإنما ينكث على نفسه > ! فقال المأمون صدق الله العظيم فإنا نحكم فيهم بحكم الله ! < ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون > ! ثم أمر بجميع أشياخ الموحدين وأشرافهم فسحبوا إلى مصارعهم وقتلوا من عند آخرهم ولم يبق على كبيرهم ولا صغيرهم حتى أنه أتي بابن أخت له صغير يقال إن سنه كان ثلاث عشرة