@ 223 @ جامع ما قال أمر بقتله هو وصهره قطعا بالرماح رحمهما الله .
فحقدت جيوش الأندلس على ابن جامع وفسدت نياتهم على الناصر وأحس ابن جامع بذلك فأمر بإحضار قوادهم فحضروا بين يديه فقال اعتزلوا جيش الموحدين فلا حاجة لنا بكم كما قال الله تعالى ! < لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا > ! وسننظر بعد هذا في أمر كل فاجر .
ولما علم الناصر بحال الفنش وما هو عليه من القوة وكثرة الجموع واستيلائه على قلعة رياح التي هي أمنع ثغور المسلمين شق ذلك عليه وامتنع من الطعام والشراب حتى مرض من شدة الوجد ثم شدد في قتال سلبطرة وبذل الأموال الجليلة حتى فتحها صلحا وذلك في أواخر ذي الحجة من سنة ثمان وستمائة ثم زحف الفنش إلى الناصر ونهض الناصر إليه فالتقى الجمعان بموضع يعرف بحصن العقبان فضرب المصاف وضرب للناصر قبته الحمراء المعدة للقتال على رأس ربوة وقعد أمامها على درقته وفرسه قائم بإزائه ودارت العبيد بالقبة من كل ناحية ومعهم السلاح التام ووقفت الساقات والبنود والطبول أمام العبيد مع الوزير ابن جامع وأقبلت جموع الفرنج على مصافها كأنها الجراد المنشر فتقدمت إليهم المتطوعة وحملوا عليهم أجمعون وكانوا مائة وستين ألفا فغابوا في صفوفهم وانطبقت عليهم الفرنج فاقتتلوا قتالا شديدا فاستشهد المتطوعة عن آخرهم هذا وعساكر الموحدين والعرب والأندلس ينظرون إليهم لم يحرك إليهم منهم أحد .
ولما فرغ الفرنج من المتطوعة حملوا بأجمعهم على عساكر الموحدين والعرب حملة منكرة فلما انتشب القتال بين الفريقين فرقت قواد الأندلس وجيوشها لما كانوا قد حقدوه على ابن جامع في قتل ابن قادس أولا وتهديدهم وطرده لهم ثانيا فجروا الهزيمة على المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله وتبعهم قبائل البربر والموحدون العرب وركبتهم الفرنج بالسيف وكشفوهم عن الناصر حتى انتهوا إلى الدائرة التي دارت عليه من العبيد