@ 220 @ $ غزوة العقاب التي محص الله فيها المسلمين $ .
ثم اتصلت الأخبار بالناصر وهو بمراكش أن الفنش لعنه الله قد استطال على ثغور المسلمين بالأندلس وأنه يغير على قراها وينهب الأموال ويسبي النساء والذرية فأهمه ذلك وأقلقه وكتب إلى الشيخ أبي محمد عبد الواحد بن أبي حفص صاحب إفريقية يستشيره في الغزو فأبى عليه فخالفه وأخذ في الحركة للجهاد .
وكان الناصر معجبا برأيه مستبدا بأموره ففرق الأموال على القواد والأجناد وكتب إلى جميع بلاد إفريقية والمغرب وبلاد القبلة يستنفر المسلمين لغزو الكفار فأجابه خلق كثير وألزم كل قبيلة من قبائل العرب بحصة من الخيل والرجل تخرج للجهاد فتقدمت عليه الجيوش من سائر الأقطار وتسارع الناس إليه خفافا وثقالا من البوادي والأمصار .
فلما تكاملت لديه الحشود وتوافت بحضرته الجنود خرج من مراكش في تاسع عشر شعبان سنة سبع وستمائة فانتهى إلى قصر المجاز فأقام به وشرع في إجازة الجيوش من أوائل شوال إلى أواخر ذي القعدة من السنة المذكورة فتلقاه هنالك قواد الأندلس وفقهاؤها ورؤساؤها وأقام بطريف ثلاثا ثم نهض إلى إشبيلية في أمم لا تحصى وجيوش لا تستقصى قد ملأت السهل والوعر .
حكى بعض الثقات من مؤرخي المغرب أنه اجتمع مع الناصر في هذه الغزوة من أهل المغرب والأندلس ستمائة ألف مقاتل وكان الناصر رحمه الله قد أعجبه ما رأى من كثرة جنوده وأيقن بالظفر فقسم الناس على خمس فرق فجعل العرب فرقة وزناتة وصنهاجة و المصامدة و غمارة وسائر أصناف قبائل المغرب فرقة وجعل المتطوعة فرقة وجعل جند الأندلس فرقة والموحدين فرقة وأمر كل فرقة أن تنزل ناحية واهتزت جميع بلاد