@ 185 @ الغزوة الكبرى بالأرك من بلاد الأندلس $ .
قال ابن خلكان كان يعقوب المنصور رحمه الله قد خافه الفنش صاحب طليطلة وسأله الصلح فصالحه إلى خمس سنين فلما انقضت مدة الهدنة ولم يبق منها إلا القليل خرجت طائفة من الفرنج في جيش كثيف إلى بلاد المسلمين فنهبوا وسبوا وعاثوا عيثا فظيعا فانتهى الخبر إلى أمير المؤمنين يعقوب المنصور وهو بمراكش فتجهز لقصدهم في جيش عرمرم من قبائل الموحدين والعرب واحتفل في ذلك وعبر البحر إلى الأندلس سنة إحدى وتسعين وخمسمائة واتصل بالفرنج عبوره إليهم فجمعوا خلقا كثيرا من أقصى بلادهم وأدانيها وأقبلوا نحوه .
قال ابن خلكان وقد رأيت بدمشق جزء بخط الشيخ الحافظ تاج الدين عبد الله بن حموية السرخسي وكان قد سافر إلى مراكش وأقام بها مدة وكتب فصولا تتعلق بتلك الدولة فمن ذلك فصل يتعلق بهذه الوقعة فينبغي ذكره ههنا .
قال لما انقضت الهدنة بين أمير المؤمنين يعقوب المنصور وبين الأذفونش الفرنجي صاحب غرب جزيرة الأندلس وقاعدة مملكته يومئذ طليطلة وذلك في أواخر سنة تسعين وخمسمائة عزم يعقوب المنصور وهو يومئذ بمراكش على التوجه إلى جزيرة الأندلس لمحاربة الفرنج وكتب إلى ولاة الأطراف وقواد الجيوش بالحضور وخرج إلى مدينة سلا ليكون اجتماع العساكر بظاهرها فاتفق أنه مرض مرضا شديدا حتى يئس منه أطباؤه فتوقف الحال عن تدبير تلك الجيوش وحمل يعقوب المنصور إلى مراكش وهو مريض فطمع المجاورون له من العرب وغيرهم في البلاد وعاثوا فيها وأغاروا على النواحي والأطراف وكذلك فعل الأذفونش فيما يليه من بلاد المسلمين بالأندلس واقتضى الحال تفرقة الجيوش التي جمعها يعقوب المنصور شرقا وغربا واشتغلوا بالمدافعة والممانعة فكثر طمع الأذفونش