@ 115 @ وحمل إليها وأمر عبد المؤمن مع ذلك بهدم سور سبتة فهدم وكذلك فعل بفاس وسلا .
وأعلم أن ما صدر من القاضي عياض رحمه الله في جانب الموحدين دليل على أنه كان يرى أن لا حق لهم في الأمر و الإمامة وإنما هم متغلبون وهذا أمر لا خفاء به كما هو واضح ولما كانت شوكة عبد المؤمن لا زالت ضعيفة وتاشفين بن علي أمير الوقت لا زال قائم العين امتنع القاضي عياض رحمه الله من مبايعة عبد المؤمن ودافعه عن سبتة إذ لا موجب لذلك لأن بيعة تاشفين في أعناقهم وهو لا زال حيا فلا يعدل عن بيعته إلى غيره بلا موجب .
وأما ما غالط به المهدي رحمه الله من أن المرابطين مجسمة وأن جهادهم أوجب من جهاد الكفار فضلا عن أن تكون طاعتهم واجبة فسفسطة منه عفا الله عنا وعنه .
ولما قتل تاشفين وفتحت تلمسان وفاس وقويت شوكة عبد المؤمن بايعه القاضي عياض حينئذ وقبل صلته لأن من قويت شوكته وجبت طاعته .
ثم لما ضعف أمره ثانيا بسبب قيام الماسي عليه وإجماع قبائل المغرب على التمسك بدعوته رجع القاضي بأهل سبتة عن بيعته إلى طاعة المرابطين الذين لهم الحق في الإمامة بطريق الأصالة ولم يأخذ بدعوة الماسي لأنه ثائر أيضا هذا مع ما كان ينقل عن المهدي من أنه غلبت نزعة خارجية عليه وأنه يقول بعصمة الإمام وذلك بدعة كما لا يخفى فتكون إمامته وإمامة أتباعه مقدوحا فيها من هذه الحيثية لكن حيث حصل التغلب والإستيلاء وجبت الطاعة فالحاصل أن ما فعله القاضي عياض أولا وثانيا وثالثا كله صواب موافق للحكم الشرعي فهكذا ينبغي أن تفهم أحوال أئمة الدين وأعلام المسلمين رضي الله عنهم ونفعنا بعلومهم