@ 100 @ رآه من النحل مع ولده فقال الزاجر يوشك أن يكون له شأن يجتمع على طاعته أهل المغرب فكان من أمره ما اشتهر .
وقد تقدم لنا أن المهدي كان عنده كتاب الجفر وكان فيه أن أمره لا يتم إلا على يد رجل اسمه كذا وحليته كذا وهو عبد المؤمن بن علي فأقام المهدي يتطلبه مدة إلى أن لقيه بملالة وعبد المؤمن إذ ذاك شاب حدث طالب علم فلازم المهدي واستمسك بغرره إلى أن كان من أمره ما كان .
وكان المهدي يتفرس فيه النجابة وينشد إذا أبصره .
( تكاملت فيك أوصاف خصصت بها % فكلنا بك مسرور ومغتبط ) .
( السن ضاحكة والكف مانحة % والنفس واسعة والوجه منبسط ) .
والبيتان لأبي الشيص الخزاعي وكان يقول لأصحابه صاحبكم غلاب الدول وكان يقول عبد المؤمن من صديقي هذه الدائرة .
وقال ابن خلدون آثر المهدي عبد المؤمن بمزيد الخصوصية والقرب بما خصه الله به من الفهم والوعي للتعليم حتى كان خالصة المهدي وكنز صحابته وكان مؤمله لخلافته لما أظهره عليه من الشواهد المؤذنة بذلك وفي ذلك يقول ابن الخطيب .
( وخلف الأمر لعبد المؤمن % فانقادت الدنيا له في رسن ) .
( حباه بين القوم بالأمارة % إذ وضحت له فيه الإمارة ) .
ولما اجتاز المهدي في طريقه إلى المغرب بالثعالبة عرب الجزائر أهدوا إليه حمارا فارها يركبه لأنه كان ساعيا على رجليه فكان يؤثر به عبد المؤمن ويقول لأصحابه اركبوه الحمار يركبكم الخيول المسومة وزعم بنو عبد المؤمن أن المهدي كان استخلفه من بعده وقال ابن خلكان لم يصح أنه استخلفه وإنما راعى أصحابه في تقديمه إشارته فتم له الأمر والله أعلم