@ 87 @ أجابه أضافه إلى خواصه وإن خالفه أعرض عنه وكان يستميل الأحداث وذوي الغرة وكان ذوو الحنكة والعقل والحلم من أهاليهم ينهونهم ويحذرونهم من اتباعه ويخوفونهم سطوة السلطان فكان لا يتم له مع ذلك أمر وطالت المدة وخاف المهدي من مفاجأة الأجل قبل بلوغ الأمل وخشي أن يطرق على أهل الجبل من جهة الملك ما يحوجهم إلى استسلامه إليه والتخلي عنه فشرع في إعمال الحيلة فيما يشاركونه فيه ليعصوا على الملك بسببه فرأى بعض أولاد القوم شقرا زرقا وألوان آبائهم السمرة والكحل فسألهم عن سبب ذلك فلم يجيبوه فألزمهم الإجابة فقالوا نحن من رعية هذا الملك وله علينا خراج وفي كل سنة تصعد مماليكه إلينا وينزلون في بيوتنا ويخرجوننا عنها ويختلون بمن فيها من النساء فتأتي أولادنا على هذه الصفة وما لنا قدرة على دفع ذلك عنا فقال المهدي والله إن الموت خير من هذه الحياة وكيف رضيتم بهذا وأنتم أضرب خلق الله بالسيف وأطعنهم بالرمح فقالوا بالرغم لا بالرضى فقال أرأيتم لو أن ناصرا نصركم على أعدائكم ما كنتم تصنعون قالوا كنا نقدم أنفسنا بين يديه للموت ثم قالوا من هو قال هو ضيفكم يعني نفسه فقالوا السمع والطاعة وكانوا يغالون في تعظيمه فأخذ عليهم العهود والمواثيق واطمأن قلبه ثم قال لهم استعدوا لحضور هؤلاء بالسلاح فإذا جاؤوكم فأجروهم على عادتهم وخلوا بينهم وبين النساء وميلوا عليهم بالخمور فإذا سكروا فآذنوني بهم .
فلما حضر المماليك وفعل بهم أهل الجبل ما أشار به المهدي وكان ذلك ليلا أعلموه بذلك أمر بقتلهم كلهم فلم يمض من الليل ساعة حتى أتوا على آخرهم ولم يفلت منهم سوى مملوك واحد كان خارج المنازل لحاجة له فسمع التكبير عليهم والإيقاع بهم فهرب على غير الطريق حتى خلص من الجبل ولحق بمراكش فأخبر الملك بما جرى فندم على فوات