@ 44 @ نحو الأذفونش وقدم بين يديه قائده أبا سليمان داود بن عائشة وكان بطلا من الأبطال في عشرة آلاف فارس من المرابطين بعد أن قدم أمامه المعتمد ابن عباد مع أمراء الأندلس وجيوشهم منهم ابن صمادح صاحب المرية وابن حبوس صاحب غرناطة وابن مسلمة صاحب الثغر الأعلى وابن ذي النون وابن الأفطس وغيرهم فأمرهم يوسف أن يكونوا مع المعتمد فتكون محلة ملوك الأندلس واحدة ومحلة المرابطين أخرى فتقدم بهم ابن عباد فكانوا إذا ارتحل ابن عباد من موضع نزله يوسف بمحلته فلم يزالوا كذلك حتى نزلوا مدينة طرطوشة فأقاموا بها ثلاثا وكتب منها يوسف إلى الأذفونش يدعوه إلى الإسلام أو الجزية أو الحرب وكان جواب الأذفونش ما تقدم ثم ارتحل يوسف وارتحل الأذفونش حتى نزلا معا بالقرب من بطليوس وكان نزول يوسف بموضع يعرف بالزلاقة وتقدم المعتمد فنزل ناحية أخرى تحجز بينه وبين يوسف ربوة وبين المسلمين والفرنج نهر بطليوس حاجزا يشرب منه هؤلاء وهؤلاء فأقاموا ثلاثة أيام والرسل تختلف بينهم إلى أن وقع اللقاء على ما نذكره .
ولما ازدلف بعضهم إلى بعض أذكى المعتمد عيونه في محلات الصحراويين خوفا عليهم من مكايد الأذفونش إذ هم غرباء لا علم لهم بالبلاد وجعل يتولى ذلك بنفسه حتى قيل إن الرجل من الصحراويين كان لا يخرج إلى طرف المحلة لقضاء أمر أو حاجة إلا ويجد ابن عباد بنفسه مطيفا بالمحلة بعد ترتيب الخيل والرجال على أبواب المحلات ثم قامت الأساقفة والرهبان ورفعوا صلبانهم ونشروا أناجيلهم وتبايعوا على الموت .
ووعظ يوسف وابن عباد أصحابهما وقام الفقهاء والصالحون في الناس مقام الوعظ وحضوهم على الصبر والثبات وحذروهم من الفشل والفرار .
وجاءت الطلائع تخبر أن العدو مشرف عليهم صبيحة يومهم وهو يوم الأربعاء فأصبح المسلمون وقد أخدوا مصافهم فكع الأذفونش ورجع إلى