@ 41 @ المسلمين يوسف بن تاشفين كتابا كتبه له بعض غواة أدباء المسلمين يغلظ له في القول ويصف ما معه من القوة والعدد وبالغ في ذلك فلما وصل وقرأه يوسف أمر كاتبه أبا بكر بن القصيرة أن يجيبه وكان كاتبا مفلقا فكتب وأجاد فلما قرأه على أمير المسلمين قال هذا كتاب طويل وأحضر كتاب الأذفونش وكتب على ظهره الذي يكون ستراه وأرسله إليه فلما وقف عليه الأذفونش ارتاع له وعلم أنه بلي برجل له دهاء وعزم .
وذكر ابن خلكان أن يوسف بن تاشفين أمر بعبور الجمال فعبر منها ما أغص الجزيرة وارتفع رغاؤها إلى عنان السماء ولم يكن أهل الجزيرة رأوا جملا قط ولا خيلهم رأتها قط فصارت الخيل تجمح من رؤية الجمال ورغائها وكان ليوسف في عبورها رأي مصيب فكان يحدق بها عسكره ويحضرها الحرب فكانت خيل الفرنج تجمح منها .
وقدم يوسف بن تاشفين بن يديه كتابا للأذفونش يعرض عليه فيه الدخول في الإسلام أو الجزية أو الحرب كما هي السنة ومن جملة ما في الكتاب بلغنا يا أذفونش أنك دعوت الله في الإجتماع بنا وتمنيت أن تكون لك سفن تعبر عليها البحر إلينا فقد عبرناه إليك وقد جمع الله تعالى في هذه العرصة بيننا وبينك وسترى عاقبة دعائك وما دعاء الكافرين إلا في ضلال فلما سمع الأذفونش ما كتب إليه يوسف جاش بحر غيظه وزاد في طغيانه واقسم أن لا يبرح من موضعه حتى يلقاه .
ولنرجع إلى كلام صاحب الروض والمعطار قال رحمه الله فلما عبر يوسف وجميع جيوشه البحر إلى الخضراء نهض إلى إشبيلية على أحسن الهيئات جيشا بعد جيش وأميرا بعد أمير وقبيلا بعد قبيل وبعث المعتمد ابنه إلى لقاء يوسف وأمر عمال البلاد بجلب الأقوات والضيافات ورأى يوسف ما سره من ذلك ونشطه وتواردت الجيوش مع أمرائها على إشبيلية .
وخرج المعتمد إلى لقاء يوسف من إشبيلية في مائة فارس من وجوه أصحابه فلما أتى محلة يوسف ركض نحوهم وركضوا نحوه ثم برز إليه