@ 238 @ $ استيلاء العبيديين من الشيعة على المغرب الأقصى وقدوم قائدهم مصالة بن حبوس إلى فاس $ .
قد قدمنا عند ذكر ولاة المغرب أن إبراهيم بن الأغلب كان آخرهم وأنه أورث بإفريقية ملكا لبنيه فاستمرت دولتهم بها إلى أواخر المائة الثالثة وانقرضت على يد أبي عبد الله المحتسب داعية العبيديين من الشيعة فإن المحتسب حج في بعض السنين واجتمع بمكة بحجاج كتامة من أهل المغرب فتعرف إليهم ووعدهم بظهور المهدي من آل البيت على يدهم ويكون لهم به الملك والسلطان فتبعوه على رأيه وصحبهم إلى بلادهم ورأس فيهم رئاسة دينية وقرر لهم مذهب الشيعة فاتبعوه وتمسكوا به ثم بايعوا مولاه عبيد الله المهدي أول خلفاء العبيديين فاستولى على إفريقية في خبر طويل .
ثم سمت همته إلى تملك المغرب الأقصى فأغزاه قائده مصالة بن حبوس المكناسي صاحب تاهرت والمغرب الأوسط فزحف مصالة إلى المغرب الأقصى سنة خمس وثلاثمائة وانتهى إلى فاس فبرز إليه يحيى بن إدريس لمدافعته في جموع العرب والبربر والموالي والتقوا بقرب مكناسة فانهزم يحيى وعاد مفلولا إلى فاس ثم تقدم مصالة إلى فاس وحاصرها إلى أن صالحه يحيى على مال يؤديه إليه وعلى البيعة لعبيد الله المهدي فقبل يحيى الشرط وخرج عن الأمر وأنفذ بيعته إلى المهدي وأبقى عليه مصالة في سكنى فاس وعقد له على عملها خاصة وعقد لابن عمه موسى بن أبي العافية المكناسي على ما سوى ذلك من بلاد المغرب .
وكان موسى هذا صاحب تسول وبلاد تازا وكان كبير مكناسة بالمغرب الأقصى على الإطلاق وكان قد خدم مصالة حين قدم المغرب وتعرف إليه وهاداه وقاتل معه في جميع حروبه بالمغرب فحسنت منزلته لديه وولاه بلاد المغرب كلها عدى فاسا وأعمالها فإنه تركها للأمير يحيى كما قلنا