@ 232 @ .
وكانت الطريقة التي سلكتها في بنائه أنها التزمت أن تأخذ التراب وغيره من مادة البناء من نفس البقعة دون غيرها مما هو خارج عن مساحتها فحفرت في أعماقها كهوفا وجعلت تستخرج منها التراب الجيد والحجر الكدان وتبني به وأنبطت بها بئرا يستقى منها الماء للبناء والشرب وغير ذلك وكان ذلك كله تحريا منها أن لا تدخل في بناء المسجد شبهة فعادت بركة نيتها وورعها على المسجد المذكور حتى كان منه ما ترى .
قالوا ولم تزل فاطمة المذكورة صائمة من يوم شرع في بنائه إلى أن تم وصلت فيه شكرا لله تعالى .
وكانت مساحة المسجد يوم بني أربع بلاطات وصحنا صغيرا وجعلت محرابه في موضع الثريا الكبرى وجعلت طوله من الغرب إلى الشرق مائة وخمسين شبرا وبنت به صومعة غير مرتفعة بموضع القبة التي على رأس العنزة اليوم .
واستمر الحال على ذلك إلى أن انقرضت دولة الأدارسة وجاءت دولة زناتة من بعدها وأداروا السور على العدوتين معا القرويين والأندلس وزادوا في مسجديهما زيادة كثيرة فنقلوا الخطبة من مسجد الشرفاء إلى مسجد القرويين ومن مسجد الأشياخ إلى مسجد الأندلس وذلك صدر المائة الرابعة .
ثم لما استولى عبد الرحمن الناصر صاحب الأندلس على فاس وبلاد العدوة استعمل على فاس عاملا له اسمه أحمد بن أبي بكر الزناتي ثم اليفرني فاستأذن الناصر في إصلاح مسجد القرويين والزيادة فيه فأذن له وبعث إليه بمال من خمس الغنائم فزاد فيه زيادة بينة وأزال الصومعة القديمة عن موضعها وبنى الصومعة الموجودة الآن وكتب على بابها في مربعة بالجص واللازورد هذا ما أمر به أحمد بن أبي بكر الزناتي هداه