@ 196 @ يستبد من تلك الممنوعات بما شاء هذا حاصل تلك الشروط وإن طالت وامتدت إذا علمت هذا فكيف يتخوف عند امتناع السلطان من بيع تلك الأعشاب مع استمرار منع الرعية منها أيضا الإتيان بها من بر النصارى ومتاجرتهم بها في أسواق المسلمين ونصب الدكاكين لها الخ هذا لا يتوهم نعم يتخوف من ذلك إذا امتنع السلطان من بيعها وأذن للناس فيه وأطلق لهم يد التصرف به وليس هذا مراد السلطان أيده الله وإن أوهمه لفظ الكتاب الشريف حيث قال طالما قدمنا رجلا وأخرنا أخرى في تسريح الصاكة الخ ولعل الكاتب أو المملي عليه لم يحرر مراد السلطان أيده الله فنسج الكتاب على ذلك المنوال وأوهم أن أمير المؤمنين أعزه الله يريد أن يمتنع من بيع تلك الأعشاب تقذرا لها وتأففا منها ويبيحها لرعيته من المسلمين وغيرهم ومعاذ الله أن يكون هذا مراده كيف وهو أيده الله من أخشى الملوك وأتقاهم لله وأحبهم لرعاياه وأحدبهم عليها وأحرصهم على جلب النفع لها ودفع الضر عنها وأعلمهم بقول جده عليه الصلاة والسلام لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب لأخيه المؤمن ما يحب لنفسه فقد بان لك من هذا التقرير أن الواجب شرعا ومروءة هو المبادرة إلى رفض التجارة في تلك الأعشاب وتطهير ساحة الإمامة الإسلامية من قذرها قال الله تعالى في وصف رسوله صلوات الله عليه ! < ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث > ! الأعراف 157 وكما يجب على أمير المؤمنين أيده الله تطهير ساحة الخلافة منها يجب عليه السعي في تطهير ساحة المسلمين أيضا منها لما أسلفناه آنفا فإن قلت أما ما ذكرته من المبادرة إلى تطهير ساحة الخلافة منها فسهل متيسر إن شاء الله وأما تطهير ساحة المسلمين منها فيظهر أنه في غاية الصعوبة لأن العامة إذا حملوا على رفضها كرة وألجئوا إلى ترك استعمالها بالمرة ضاق بهم المتسع وساءت أخلاقهم وحاصوا حيصة حمر الوحش وربما صدر منهم ما لا ينبغي من الإعلان بالخلاف والمجاهرة بالعصيان .
ومن وصايا أرسطوطاليس الحكيم لتلميذه الإسكندر يا إسكندر تغافل عن العامة ما أمكن ولا تلجئها أن تقول فيك إلا خيرا فإن العامة إذا قدرت