@ 223 @ إحدى العدوتين عدوة القرويين لنزول العرب الوافدين من القيروان بها وكانوا ثلاثمائة أهل بيت وسميت الأخرى عدوة الأندلس لنزول العرب الوافدين من الأندلس بها وكانوا جما غفيرا يقال أربعة آلاف أهل بيت .
وكان الحكم بن هشام الأموي صاحب الأندلس صدرت منه لأول إمارته هنات أوجبت قيام جماعة من أهل الورع عليه فيهم يحيى بن يحيى الليثي صاحب مالك وراوي الموطأ عنه وطالوت الفقيه وغيرهما فخلعوا الحكم وبايعوا بعض قرابته وكانوا بالربض الغربي من قرطبة فقاتلهم الحكم وكثروه وكادوا يأتون عليه ثم أظفره الله بهم ووضع فيهم السيف ثلاثة أيام وهدم دورهم ومساجدهم وفر الباقون منهم فلحقوا بفاس المغرب الأقصى وبالإسكندرية من أرض مصر فأما اللاحقون بفاس فأنزلهم إدريس رحمه الله بعدوة الأندلس فأضيفت إليهم وأما اللاحقون بالإسكندية فثاروا بها بعد حين فزحف إليهم عبد الله بن طاهر الخزاعي صاحب مصر من قبل المأمون بن الرشيد فقاتلهم ونفاهم إلى جزيرة إقريطش فلم يزالوا بها إلى أن ملكها الفرنج من أيديهم بعد مدة .
وذكر ابن غالب في تاريخه أن الإمام إدريس لما فرغ من بناء مدينة فاس وحضرت الجمعة الأولى صعد المنبر وخطب الناس ثم رفع يديه في آخر الخطبة فقال اللهم إنك تعلم أني ما أردت ببناء هذه المدينة مباهاة ولا مفاخرة ولا رياء ولا سمعة ولا مكابرة وإنما أردت أن تعبد بها ويتلى بها كتابك وتقام بها حدودك وشرائع دينك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ما بقيت الدنيا اللهم وفق سكانها وقطانها للخير وأعنهم عليه واكفهم مؤنة أعدائهم وأدر عليهم الأرزاق وأغمد عنهم سيف الفتنة والشقاق إنك على كل شيء قدير