@ 80 @ .
الملوك قبل مولانا المؤيد فلم يرقوا لحالها ولا أنقذوها من أوحالها مع أنها في جوارهم وعقر ديارهم فعطف الله عليها هذا السلطان المبارك فأعاد بعد الممات محياها وأبرز من ظلمات العدم جميل محياها $ الخبر عن دولة أمير المؤمنين سيدي محمد بن عبد الرحمن رحمه الله $ .
كان سيدي محمد بن عبد الرحمن بن هشام رحمه الله بعين الرضى من والده منذ نشأ وشب وكان متميزا عن سائر إخوته بشدة البرور بأبيه ومتصفا بالسكينة والوقار والصلاح والتقوى وسائر خصال الخير واستخلفه أبوه صغيرا فجرى على السنن الأقوم وحمدت سيرته ولما رأى منه السلطان رحمه الله مخايل النجابة والصلاح فوض إليه وألقى بزمام مملكته بيديه ولم يدخر عنه شيئا من أمور الملك ووظائفه فاستلحق في أيام أبيه واستركب واتخذ العساكر وجند الأجناد وقدم وأخر وخفض ورفع وأعطى ومنع حتى كأنه ملك مستقل وكانت العادة أنه إذا كان السلطان بمراكش كان سيدي محمد هذا بفاس أو بمكناسة وبالعكس فلما مرض السلطان رحمه الله مرض موته بمكناسة كان سيدي محمد بمراكش فلم يرعه إلا ورود الكتب عليه من أخيه المولى العباس ومن الوزير أبي عبد الله الصفار أن السلطان قد أشرف ووقع اليأس منه فنهض سيدي محمد من مراكش منزعجا وجد السير لعله يدرك حياة أبيه فلما كان ببلاد السراغنة على مرحلتين من مراكش اتصل به الخبر بوفاة السلطان رحمه الله ثم قدمت عليه بيعة أهل الحضرتين فاس ومكناسة وجميع الجيش البخاري وسائر أهل الحل والعقد من أعيان القبائل والبربر فاسترجع السلطان لمصابه وشكر الله إذ أبقى أمر المسلمين في نصابه وكتب بالخبر إلى مراكش وبعث بالبيعة الواردة عليه فاجتمع أهل مراكش على طبقاتهم بجامع الكتبيين وحضر عامل البلد يومئذ أبو العباس أحمد بن عمر بن أبي ستة وقائد الجيش السوسي بالقصبة أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد