@ 214 @ إفريقية ومن ملك الباب يوشك أن يدخل الدار وقد هممت أن أبعث إليه جيشا ثم فكرت في بعد الشقة وعظم المشقة فرجعت عن ذلك فقال يحيى الرأي يا أمير المؤمنين أن تبعث إليه برجل داهية يحتال عليه ويغتاله وتستريح منه فأعجب الرشيد ذلك فوقع اختيارهما على رجل من موالي المهدي والد الرشيد واسم الرجل سليمان بن جرير ويعرف بالشماخ فأحضره يحيى وأعلمه بما يريد منه ووعده على قتل إدريس الرفعة والمنزلة العالية عند الرشيد وزوده مالا وطرفا يستعين بها على أمره وأصحبه الرشيد كتابا منه إلى واليه على إفريقية إبراهيم بن الأغلب كذا عند ابن خلدون وابن الخطيب وفيه أن ابن الأغلب لم يكن واليا على إفريقية في هذا التاريخ وإنما وليها سنة أربع وثمانين ومائة حسبما سبق فوصل الشماخ إلى والي إفريقية بكتاب الرشيد فأجازه إلى المغرب .
وقدم الشماخ على إدريس بن عبد الله مظهرا النزوع إليه فيمن نزع إليه من وحدان العرب متبرئا من الدعوة العباسية منتحلا للدعوة الطالبية فاختصه إدريس رحمه الله وحلا بعينيه وعظمت منزلته لديه .
وكان الشماخ ممتلئا من الأدب والظرف والبلاغة عارفا بصناعة الجدل فكان إذا جلس الإمام إدريس إلى رؤساء البربر ووجوه القبائل تكلم الشماخ فذكر فضل أهل البيت وعظيم بركتهم على الأمة ويقرر ذلك ويحتج لإمامة إدريس وأنه الإمام الحق دون غيره فكان يعجب إدريس ويقع منه الموقع فاستولى الشماخ عليه حتى صار من ملازميه ولا يأكل إلا معه .
وكان راشد كالئا لإدريس ملازما له أيضا قلما ينفرد عنه لأنه كان يخاف عليه من مثل ما وقع فيه لكثرة أعداء آل البيت يومئذ وكان الشماخ يترصد الغرة من راشد ويترقب الفرصة في إدريس إلى أن غلب راشد ذات يوم في بعض حاجاته فدخل الشماخ على إدريس فجلس بين يديه على العادة وتحدث مليا .
ولما لم ير الشماخ راشدا بالحضرة انتهز الفرصة في إدريس فقيل إنه