@ 38 @ .
الخدمة مع الخليفة المذكور وانسلخت هذه السنة وفيها عزل السلطان وزيره الفقيه أبا عبد الله محمد بن إدريس وامتحنه وبقي عاطلا مدة ثم رده إلى خطته وكان السلطان في مدة تأخيره إياه قد استوزر مكانه الفقيه العلامة الأديب السيد المختار بن عبد الملك الجامعي فقام بأعباء الخطة وبرز فيها رحمه الله وفيها بنى السلطان رحمه الله المارستان الكبير على ضريح ولي الله تعالى أبي العباس أحمد بن عاشر بسلا وكان على ضريح الولي المذكور القبة والمسجد فقط فأدار السلطان رحمه الله على ذلك كله مارستانا كبيرا وبنى به مسجدا آخر وبيوتا للمرضى تنيف على العشرين وأجرى إليه الماء وجعل ميضأة بإزاء المسجد للرجال وأخرى شرقيها للنساء فجاء ذلك من أحسن الأعمال وكتب الله أجره في صحيفة السلطان .
ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف ففي صفر منها ورد على القائد إدريس كتاب من عند السلطان وهو يومئذ لا زال برباط الفتح يأمره أن يبعث إليه بالحاج محمد بن فرحون الجراري فوصل إليه مسرحا فقبض عليه وبعثه إلى الصويرة وبإثر ذلك ورد على السلطان كتاب من عند ولده سيدي محمد يعلمه بأنه قبض على الطاهر بن مسعود والحاج محمد بن الطاهر لكونهما لم يقلعا عن ضلالهما وشيطنتهما حتى أنهما عزما على اغتياله بمصلى عيد الأضحى من السنة الفارطة فحماه الله منهما ولما وصل السلطان إلى مراكش صار يكتب إلى القائد إدريس برؤوس الفتنة والقبض عليهم واحدا بعد واحد إلى أن استوفى جلهم وكان القائد إدريس في هذه المدة قد أحس بأن باطن السلطان لا زال متغيرا على الودايا فألح عليه في البحث والاستكشاف عما هو مضمره لهم وما يريد بهم وما الذي يجلب رضاه عنهم ويصفي باطنه عليهم فكتب إليه السلطان رحمه الله كتابا أفصح فيه عن مراده يقول فيه بعد الافتتاح والطابع الشريف بينه وبين الخطاب ما نصه خالنا الأرضى القائد إدريس الجراري سلام عليك ورحمة الله تعالى وبعد فاعلم بأنك طلبت منا مشافهة وكتابة أن نعرب لك عن مرادنا