@ 36 @ .
وجهنا لك إلا بقصد أن نسرحك لأننا تحققنا أنك كنت مغلوبا عليك فلا عهدة عليك بل من تمام عقلك مساعدتك لمن نهب ولو منعتهم من ذلك لتفاقم الأمر هنالك وأنت عليك الأمان ظاهرا وباطنا في الحال والاستقبال فلا تخش من شيء أبدا فإنك ممن نتهمه بالدين والعقل والصدق وقد عاينت وسمعت ما صدر من إخواننا من النزعة الشيطانية ولا ينبغي أن نقابلهم بمثل ما قابلنا به من لاعقل له منهم وإن قابلناهم به لا نلتقي أبدا وأنت اسع في الخير والصلاح ما أمكنك وتحمل لهم عنا بالأمن من كل ما يخافونه من جانبنا فجسارتهم أولى من صلاح القبائل فقف على ساق الجد لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير مما طلعت عليه الشمس والسلام في السابع عشر من المحرم فاتح عام سبعة وأربعين ومائتين وألف انتهى لفظ الكتاب الشريف .
ثم إن القائد إدريس أحسن القيام على عيال السلطان الذين بقوا بفاس الجديد وكان فيهم حظيته المولاة فاطمة بنت المولى سليمان وتقدم القائد إدريس إلى أمين الصائر من قبل وقال له ما كنت تدفع إلى دار السلطان كل يوم من دقيق ولحم وإدام وغير ذلك فاكتب لي بقدره وابعث إلى به فأحصاه الأمين المذكور وبعث إليه به فصار يبعث بذلك القدر إلى دار السلطان كل يوم وانقطع الماء ذات يوم عن دار السلطان فكان القائد إدريس يحمل قرب الماء إليها كل يوم وأصلح القنوات وجد في ذلك حتى رجع الماء إلى مجراه ثم إن السلطان رحمه الله استنفر قبائل الغرب كلها حوزا وغربا وثغورا فقدموا مكناسة على بكرة أبيهم وسمع الودايا بذلك فاستدعوا الشريف سيدي محمد بن الطيب من بعض الأعمال والتفوا عليه وبايعوه فحينئذ تبرأت منهم القبائل التي كانت تعدهم بالقيام معهم من مجاوريهم لأن سيدي محمد بن الطيب كانت قبائل المغرب قد تناذرته منذ أيام ولايته على تامسنا ودكالة وفعله بأهلها الأفاعيل فكان مبغضا عند العامة وزحف السلطان إلى فاس الجديد فحاصرهم بها ونصب عليهم المدافع والمهاريس وتعاقب عليهم الرمي بها من محلة السلطان بعين قادوس ومن بستيون أبي الجلود وبستيون