@ 154 @ .
على محلة المولى السعيد بالقنطرة فانتسفوها بما فيها وقتلوا من البربر وأهل فاس وغيرهم خلقا كثيرا واحتووا على أموال طائلة مما كانت البربر قد نهبته من ملاح تطاوين وأفلت المولى السعيد وبطانته بجريعة الذقن ودخلوا فاسا فأغلقوها عليهم وثابت إليهم نفوسهم وفي هذه الأيام قتل المعلم الأكبر أبو العباس أحمد عنيقيد التطاوني وكان عجبا في صناعة الرمي بالمهراس وكان المولى السعيد قد أتى به من تطاوين ليحاصر به على فاس الجديد فدس إليه السلطان من قتله ناداه رجل وهو في محلة أصحابه ليلا يا فلان أجب مولانا السلطان فظن أنه دعي إلى المولى السعيد فقال ها أنا ذا وبرز من خبائه فرماه المنادي برصاصة كان فيها حتفه ثم عزم السلطان على محاصرة فاس حتى يفيئوا إلى أمر الله ولكن اكتفى من الحصار بمنعهم من الدخول والخروج وكان الودايا قد ألحوا عليه في أن يرميهم بالبنب فأبى رحمه الله وقال لو كانت البنبة التي نرميها تذهب حتى تقع بدار ابن سليمان أو بدار الطيب البياز أو غيرهما من رؤوس الفتنة لفعلنا ولكن إنما تقع في دار أرملة أو يتيم أو ضعيف حبسه العجز معهم ثم إن أهل فاس بدؤوا بالرمي وكان معهم سعيد العجل عارفا بالرمي فجعلوا يقصدون دار السلطان فوقعت بنبة بالموضع الذي كان يجلس فيه للقراءة ووقعت أخرى بالمدرسة التي بباب داره وكان بها جماعة من طبجية سلا ورباط الفتح فقتلت منهم أربع نفر منهم الباشا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حسين فنيش السلاوي فعند ذلك حنق السلطان وأمر أن يؤتى بالمهاريس الكبار من طنجة من فرمة ثمانين إلى فرمة مائة فجيء بها ونصبها عليهم فكان القتال لا يفتر ليلا ونهارا والكور والبنب تختلف بين أهل البلدين في كل وقت واستمر الحال على ذلك قريبا من عشرة أشهر ولا يدخل أحد إلى فاس ولا يخرج منها إلا على خطر وفي أثناء هذه المدة نهض السلطان إلى طنجة للنظر في أمر تطاوين الخارجة عليه بعد أن تقدم إلى الودايا في الحصار والتضييق على فاس إلى