@ 71 @ .
مسالمته أجناس النصارى كلهم إلا المسكوب فإنه لم يسالمه لمحاربته للسلطان العثماني ولقد وجه رسله وهديته إلى طنجة فردها السلطان رحمه الله وأبى من مسالمته ووظف على الأجناس الوظائف فالتزموها وكانوا يؤدونها كل سنة واستمر ذلك من بعده إلى أن انقطع في هذه السنين المتأخرة وكانوا يستجلبون مرضاته بالهدايا والألطاف وكل ما يقدرون عليه ومهما كتب إلى طاغية في أمر سارع إليه ولو كان محرما في دينه ويحتال في قضاء الأغراض منهم بكل وجه أحبوا أم كرهوا وكان أعظم طواغيتهم طاغية النجليز وطاغية الفرنسيس فكانا يأنفون من أداء الضريبة علانية مثل غيرهم من الأجناس فكان رحمه الله يستخرجها منهم وأكثر منها بوجه لطيف وكان له عدة أولاد أكبرهم أبو الحسن علي والمأمون وهشام وعبد السلام هؤلاء لربة الدار المولاة فاطمة بنت عمه سليمان بن إسماعيل ثم عبد الرحمن أمه حره هوارية من هوارة السوس ثم يزيد ومسلمة أمهما علجة من سبي الإصبنيول ثم الحسن وعمر أمهما حرة من الأحلاف ثم عبد الواحد أمه حرة من أهل رباط الفتح ثم سليمان والطيب وموسى لحرة من الأحلاف أيضا ثم الحسن وعبد القادر لحرة من الأحلاف أيضا ثم عبد الله لحرة من عرب بني حسن ثم إبراهيم لعلجة رومية .
ومما مدح به السلطان سيدي محمد بن عبد الله رحمه الله من الشعر أرجوزة الأديب البليغ أبي العباس أحمد الونان المعروفة بالشمقمقبية التي يقول في مطلعها .
( مهلا على رسلك حادي الأينق % ولا تكلفها بما لم تطق ) .
وهذه الأرجوزة مشهورة بين الناس وهي من الشعر الفائق والنظم البديع الرائق أبان منشئها عن باع كبير وإطلاع غزير على أخبار العرب وأيامها وحكمها وأمثالها بحيث أن من حفظها وعرف مقاصدها أغنته عن غيرها من كتب الأدب وقد كنت في أيام التعاطي اعتنيت بتصحيح ألفاظها والتتبع لأخبارها وأمثالها والتنقير عن تلميحاتها وتلويحاتها حتى فضضت ختامها واستوعبت مبدأها وتمامها ثم شرعت في كتابة شرح عليها يحيط بمعانيها