@ 15 @ .
أهل فاس طعام الضيافة على العادة فأمر السلطان بإدخاله إلى دار الدبيبغ ولما صلى العصر خرج على الناس بالمشور فوقف لهم وقدم الوفود هداياهم على العادة ولما فرغ من ذلك كله أمر العبيد والودايا بالدخول إلى دار الدبيبغ لأكل طعام الضيافة وكان قد أعد بها ألفا من المسخرين للقبض على أعيان الودايا أفردهم في ناحية فلما دخلوا وغلقت الأبواب وثبوا عليهم وجردوهم من السلاح وكتفوهم وألقوهم على الأرض .
ولما طعم الجيش وسائر الناس أمر السلطان الخيل بالركوب وشن الغارات على حلة الودايا والمغافرة بلمطة فركبت الخيول وتقدمت إليهم وسار السلطان في موكبه خلفهم ولما شرق شارق فاسا الجديد رماه الودايا من أبراجه بالكور فلم تغن شيئا وتقدم السلطان حتى وقف بالموضع المعروف بدار الرخاء فلم يكن إلا هنيئة حتى أقبلت العساكر بالسبي والأثاث والخيام وانتسفوا الحلة نسفا ولما جن الليل خرج من كان بقي من أعيانهم بفاس الجديد وتفرقوا شذر مذر فذهب بعضهم إلى ضريح الشيخ أبي العباس أحمد الشاوي وبعضهم إلى زاوية الشيخ اليوسي وبعضهم إلى ضريح سيدي أبي سرغين بصفرو وغير ذلك وبقي الضعفاء على الأسوار يطلبون الأمان فعطفته عليهم الرحم ورق لهم فأمنهم وأخرجهم إلى فاس القديم وأدال منهم بفاس الجديد بألف كانون من العبيد فنزلوه وعمروه واقفر من الودايا بعد أن كانوا أهله مدة طويلة كما علمت .
ثم أمر السلطان رحمه الله بأربعة من مساجين الودايا فسرحوا أحدهم القائد قدور بن الخضر الشهير الذكر وأمرهم أن يقفوا على إخوانهم المسجونين حتى يعينوا أهل الفساد من غيرهم ويأتوه بزمامهم ويتحروا الصدق في ذلك فعينوا له خمسين من عتاتهم أهل زيغ وفساد فأمر بأن تضرب على أرجلهم الكبول ويقرن كل اثنين منهم في سلسلة ثم بعث منهم إلى مراكش اثنان على الجمل فسجنوا بها وطهرت الأرض من شيطنتهم ثم