@ 192 @ مجاورين لها للتكسب على أنفسهم وأولادهم ولما أعروا تلك القلاع التي كانوا مقيمين بها امتدت إليها أيدي القبائل من العرب والبربر بالنهب والتخريب واقتلعوا أبوابها وخشبها وماراق منها وتركوها خاوية على عروشها لم يبق بها إلا الجدرات قائمة وهكذا كان مآل محلة مشرع الرملة فإنه لما ارتحل العبيد عنها إلى مكناسة أيام السلطان المولى عبد الله خلفهم بنو حسن فيها بالنهب والتخريب وكل من عثروا عليه متأخرا بها نهبوه واستلبوا ما معه وأخذوا كل ما تركوه مما ثقل عليهم حتى يرجعوا إليه إذ كان العبيد يظنون أنهم سيرجعون إلى مشرع الرملة ثم تجاوزت بنو حسن ذلك إلى تخريب الدور والقصور وحمل أبوابها وخشبها إلى سلا فكانت تباع بها بالبخس فقد كان بهذه المحلة دور وقصور ليست بالحواضر وكان كل قائد منهم يفتخر على نظيره ببناء أعظم من بنائه وتشييد فوق تشييده وتنميق أحسن من تنميقه وتزويق أبدع من تزويقه فأتى بنو حسن على ذلك كله وانتسفوه وطمسوا أعلامه في أسرع من لحس الكلب أنفه ولم يتركوا إلا الجدرات قائمة إلا أن خربوها بعد ذلك شيئا فشيئا بل صاروا يبعثرون الأرض على الدفائن التي بها فعثروا من ذلك على شيء كثير .
ثم إن العبيد الذين رحلوا إلى مكناسة لم يصل منهم إليها إلا دون النصف إذ تفرقوا في القبائل وقت رحيلهم فكل من كان أصله من قبيلة قصدها وكل من كان له مدشر عاد إليه ثم الذين وصلوا إلى مكناسة لم يستقر بهم قرار لقلة ذات اليد وغلاء الأسعار وكان الوقت وقت مجاعات وفتن فلم يبق بها إلا القواد أهل اليسار وأهل الحرف الذي يتعيشون بحرفهم ومع ذلك فقد ضاقت بهم السكنى بها من أجل غلبة البربر الذين كانوا يغيرون عليهم ويتخطفون أولادهم من البحائر والجنات المرة بعد المرة فتسلل جلهم للمعاش بالقرى والقبائل ونسوا أمر الجندية والتمرس بالقنا والقنابل وتفرق منهم ذلك الجمهور ولله عاقبة الأمور .
ولما وقعت الزلزلة بمكناسة سنة تسع وستين ومائة وألف حسبما نذكره في الأحداث هلك من العبيد فحسب نحو خمسة آلاف وهكذا لم يزالوا في