@ 155 @ .
ثم لما فر المولى المستضيء عن مكناسة وراجع العبيد طاعة السلطان المولى عبد الله دخل المولى زين العابدين مدينة فاس فاطمأن بها وسر بولاية المولى عبد الله وخلع المولى المستضيء ثم ذهب إلى مكناسة وأقام بها مدة ثم سار إلى طنجة فقدم على صاحبها الباشا أحمد بن علي الريفي فأكرم وفادته وأحسن مثواه واستمر مقيما عنده إلى أن كاتب عبيد الديوان في شأنه ووافقوه في بيعته فبايعه الباشا أحمد وبايعه أهل طنجة وتطاوين والفحص والجبال وخطبوا به على منابرهم ثم هيأ له الباشا أحمد كتيبة من الخيل من عبيد الديوان وغيرهم وبعثهم معه إلى مكناسة فدخلها في ربيع سنة أربع وخمسين ومائة وألف وبويع بها البيعة العامة وقدمت عليه وفود القبائل والأمصار فقابلهم بما يجب وتم أمره .
وفر السلطان المولى عبد الله من رأس الماء ودخل بلاد البربر ولم يقدم على المولى زين العابدين أحد من الودايا ولا من أهل فاس وكان فيه أناة وحلم لم يظهر منه عسف ولا امتدت يده إلى مال أحد إلا أنه لقلة ذات يده نقص العبيد من راتبهم فكان ذلك سبب انحرافهم عنه كما سيأتي $ بقية أخبار المولى زين العابدين وانقراض أمره $ .
لما استقر السلطان المولى زين العابدين بحضرة مكناسة وتم أمره أقام بها نحو الشهرين ثم تهيأ لغزو الودايا وأهل فاس الذين تخلفوا عن بيعته فنهض إليهم في جيش العبيد منتصف جمادى الأولى سنة أربع وخمسين ومائة وألف ولما بات جيشهم بسيدي عميرة بقصد حصار فاس اختلفت كلمة العبيد ومن الغد قوضوا أبنيتهم وارتحلوا إلى مكناسة وكفى الله الودايا وأهل فاس شرهم إلا أنهم حرقوا بيادر الزرع التي كانت للودايا بالخميس ولما وصلوا إلى مكناسة نهبوا ثمار جناتها وأفسدوا ما قدروا عليه منها