@ 54 @ .
المحلة إلى الصحراء ورجع السلطان إلى مكناسة فدخلها في أواسط شوال سنة ثمان وثمانين وألف .
وفي هذه الأيام ولي قضاء فاس الفقيه الورع أبا عبد الله محمد العربي بردلة بعد عزل القاضي أبي عبد الله المجاصي وولي مظالمها وجبايتها عبد الله الروسي وولي مواريثها أباه حمدون وأمر بقتل أهل تطاوين الذين كانوا بسجن فاس وهم عشرون فضربت أعناقهم ورفعت على الأسوار ثم جيء بالمولى الحران من الصحراء مقيدا مغلولا فلما قابله من عليه وأطلقه وأعطاه خيلا وأقطعه مداشر بالصحراء يتعيش بها وسرحه إلى حال سبيله $ عود الكلام إلى بناء حضرة مكناسة الزيتون $ .
واستمر السلطان المولى إسماعيل رحمه الله بمكناسة قائما على بناء حضرتها بنفسه وكلما أكمل قصرا أسس غيره ولما ضاق مسجد القصبة بالناس أسس الجامع الأخضر أعظم منه وجعل له بابين بابا إلى القصبة وبابا إلى المدينة وجعل رحمه الله لهذه القصبة عشرين بابا عادية في غاية السعة والارتفاع مقبوة من أعلاها وفوق كل باب منها برج عظيم عليه من المدافع النحاسية العظيمة الأجرام والمهاريس الحربية الهائلة الأشكال ما يقضي منه العجب وجعل في هذه القصبة بركة عظيمة تسير فيها الفلك والزوارق المتخذة للنزهة والأنبساط وجعل بها هريا عظيما لاختزان الطعام من قمح وغيره مقبو القنانيط يسع زرع أهل المغرب وجعل بجواره سواقي للماء في غاية المعمق مقبوا عليها وجعل في أعلاها برجا عظيما مستدير الشكل لوضع المدافع الموجهة إلى كل جهة وجعل بها إصطبلا عظيما لربط خيله وبغاله مسيرة فرسخ في مثله مسقف الجوانب بالبرشلة على أساطين وأقواس عظيمة في كل قوس مربط فرس وبين الفرس والفرس عشرون شبرا يقال إنه كان مربوطا بهذا الإصطبل اثني عشر ألف فرس مع كل فرس سائس من