@ 48 @ رجب سنة أربع وثمانين وألف فكانت مدة انتقاضهم أربعة عشر شهرا وثمانية عشر يوما ذاقوا فيها وبال أمرهم ثم ولى عليهم القائد أبا العباس أحمد التلمساني وعلى فاس الجديد الوزير أبا زيد عبد الرحمن المنزاري وسار إلى مكناسة ثم عاد بالقرب إلا أن هذين الواليين قد جارا في الحكومة وعاثا في البلدين بضرب الأبشار ونهب الأموال وغير ذلك والله لايظلم مثقال ذرة وعزل أيضا عن خطابة القرويين الفقيه أبا عبد الله البوعناني وولاها القاضي أبا عبد الله المجاصي وذلك في أخر رجب من السنة والله أعلم $ تجديد أمير المؤمنين المولى إسماعيل بناء مكناسة الزيتون واتخاذه إياها دار ملكه $ .
كانت مدينة مكناسة الزيتون من الأمصار القديمة بأرض المغرب بناها البربر قبل الإسلام ولما جاءت دولة الموحدين حاصروا مكناسة سبع سنين ثم افتتحوها عنوة أواسط المائه السادسة وخربوها ثم بنوا مكناسة الجديدة المسماة بتاكرارت ومعناها المحلة واعتنى بها بنو مرين من بعدهم فبنوا قصبتها وشيدوا بها المساجد والمدارس والزوايا والربط وكانت يومئذ هي كرسي الوزارة كما أن حضرة فاس الجديد هي كرسي الإمارة واختصت مكناسة بطيب التربة وعذوبة الماء وصحة الهواء وسلامة المختزن من التعفين وغير ذلك وقد وصفها ابن الخطيب في مواضع من كتبه مثل النفاضة والمقامات وغيرهما واثنى عليها نظما ونثرا وأنشد قول ابن عبدون من أهلها فيها .
( إن تفتخر فاس بما في طيها % وبأنها في زيها حسناء ) .
( يكفيك من مكناسة أرجاؤها % والأطيبان هواؤها والماء ) .
فلما كانت بهذه المثابة كان أمير المؤمنين المولى إسماعيل رحمه الله لا