@ 20 @ $ استيلاء نصارى الإصبنيول على العرائش والسبب في ذلك $ .
قد تقدم لنا ما كان من خبر الشيخ المأمون من أنه فر إلى العرائش ومنها ركب البحر إلى طاغية الإصبنيول مستصرخا به على أخيه السلطان زيدان فأبى الطاغية أن يمده فراوده الشيخ على أن يترك عنده أولاده وحشمه رهنا ويعينه بالمال والرجال حتى إذا ملك أمره بذل له ما شارطه عليه ولم يزل به إلى أن شرط عليه الطاغية أن يخلي له العرائش من المسلمين ويملكه إياها فقبل الشيخ ذلك والتزمه وخرج حتى نزل حجر باديس في ذي الحجة سنة ثمان عشرة وألف ثم تقدم فنزل ببلاد الريف .
ولما سمع ذلك أهل فاس خافوا من شوكته وذهب جمع من علمائهم وأعيانهم كالقاضي أبي القاسم بن أبي النعيم والشريف أبي إسحاق إبراهيم الصقلي الحسيني وغيرهما لملاقاته وتهنئته بالقدوم فلما وصلوا إليه فرح بهم وأمر قبطان النصارى أن يخرج مدافعه وأنفاضه إرهابا وإظهارا لقوة النصارى الذين استنصر بهم ففعل حتى اصطكت الآذان وارتجت الجبال ونزل القبطان من السفينة للسلام على الأعيان فلما رأوه مقبلا أمرهم الشيخ بالقيام له فقاموا إليه أجمعون وجازوه خيرا على ما فعل مع الشيخ من الإحسان والنصرة وسلم هو عليهم بنزع قلنسوته على عادة النصارى وأنكر الناس على أولئك الأعيان قيامهم للكافر وضربوا بعصى الذل حتى أنهم في رجوعهم إلى فاس تعرض لهم عرب الحياينة فسلبوهم وأخذوا ما معهم وجردوهم من ملابسهم جميعا ما عدا القاضي ابن أبي النعيم فإنه عرف بزي القضاء فاحترموه .
ثم إن الشيخ انتقل إلى القصر الكبير وهو قصر كتامة وقصر عبد الكريم فأقام به مدة وراود قواده ورؤساء جيشه أن يقفوا معه في تمكين النصارى من العرائش ليفي له الطاغية بما وعده من النصرة فامتنع الناس من إسعافه في