@ 145 @ $ ثورة الناصر ابن السلطان الغالب بالله ببلاد الريف ومقتله $ .
كان الناصر هذا في حياة أبيه عبد الله الغالب بالله خليفته على تادلا ونواحيها ولما توفي أبوه المذكور وقام بالأمر أخوه المتوكل كما استوفينا خبره قبض على الناصر فاعتقله فلم يزل معتقلا عنده سائر أيامه إلى أن قدم المعتصم بجيش الترك وانتزع الملك من يد المتوكل كما مر فسرح الناصر من اعتقاله وأحسن إليه فلم يزل عنده في أرغد عيش إلى أن توفي المعتصم يوم وادي المخازن وأفضى الأمر إلى المنصور ففر الناصر إلى آصيلا وكانت للنصارى يومئذ ثم عبر البحر منها إلى الأندلس فكان عند طاغية قشتالة مدة طويلة إلى أن سرحه الطاغية إلى المغرب بقصد تفريق كلمة المسلمين وإحداث الشقاق بينهم فخرج الناصر بمليلية ونزل بها لثلاث مضت من شعبان سنة ثلاث وألف وتسامعت به الغوغاء والطغام من أهل تلك البلاد فأقبلوا إليه يزفون فكثرت جموعه وتوفرت جيوشه واهتز المغرب بأسره لذلك .
وذكر اليفرني في الصفوة أن الفقيه أبا عبد الله محمد بن قاسم القصار كتب كتابا إلى الشيخ الصالح أبي عبد الله محمد بن علي بن ريسون من أهل بلاد غمارة وكان مسموع الكلمة بها يحضه على الاستمساك بدعوة المنصور وأن يلزم الطاغية له فوقع الكتاب في يد المنصور فعرف للشيخ القصار حقه ولما وفد عليه بعد ذلك وصله وولاه الفتوى والخطبة بجامع القرويين وتفرقة صدقة المساكين .
ثم إن الناصر خرج من مليلية قاصدا تازا فدخلها واستولى عليها ونزعت إليه القبائل المجاورة لها كالبرانس وغيرهم فتألبوا عليه وتمالؤوا على إعزازه ونصره ولما دخل تازا طالب أهلها بالمكس وقال لهم إن النصارى يغرمون حتى على البيض ولما سمع المنصور بخبره أقلقه ذلك وتخوف منه غاية لأن الناصر اهتز المغرب لقيامه وتشوفت النفوس إليه لميل القلوب عن المنصور لشدة وطأته واعتسافه للرعية .
قال في ابتهاج القلوب في ترجمة الولي الصالح أبي الحسن علي بن