كانت معي كنت لا أفارقها لأسباب كانت فيها فأزلت الأسباب وملأت المخلاة من ذلك الياقوت وركبت الجمل وسرت به بين مشي وجري طول النهار ولم أزل على ذلك شهرا أقتات بنبات الأرض وأرعى الجمل منه إلى أن وصلت مدن عدن فدخلتها وبعت من ذلك الياقوت بمائة دينار وسرت مع أهل اليمن إلى الحجاز وقدمت الآن من الحجاز وأخرج له المخلاة فإذا فيها أحجار ياقوت نفيسة كثيرة فأرسل إلى الجوهريين وأراهم ذلك وذكر لهم المسألة فقال له رجل منهم يا أمير المؤمنين عندي خبر تلك العين وهي في أقصى بلادهم المجاورة لأرض الهند وقليل من رأى تلك العين فوصل الحاكم الرجل وأحسن إليه وأجازه وخيره في الانصراف أو الإقامة بمصر فاختار الإقامة فأمر له بدار سرية ومن الفروش ما يليق بها وأجرى عليه ما يليق به .
ذكر الوسائط في أيامه كان أبو القاسم أحمد بن علي الجرجرائي يخدم في بعض الدواوين فنقم عليه الحاكم شيأ فأمر بقطع يديه معا فما التاع ولا ارتاع مما أصابه ولا هلع ولا جزع وعصب يديه إثر قطعها ثم انصرف من وقته إلى موضعه من الديوان فجلس لخدمته على عادته فلما رأى الناس يعجبون ولا يصرفون أبصارهم قال لهم إن أمير المؤمنين لم يعزلني وإنما عاقبني لخيانتي فلما بلغ ذلك الحاكم استعظمه وشرف لديه ورفع به إلى الوزارة فوزره هو وابنه الظاهر وابنه المستنصر نحو ثماني سنين وكانت سيرته محمودة وآثاره