[ 4 ] حالة الائمة من آبائه عليهم السلام. إن الذي يظهر من أحوال الائمة الماضين عليهم السلام أنهم ابيحت لهم التقية من الاعداء، ولم يكتفوا بالقيام بالسيف مع الظهور، لعدم مصلحة في ذلك، ولم يكونوا ملزمين بالدعوة، بل كانت المصلحة تقتضي الحضور في مجالس الاعداء، والخالطة لهم، ولهذا أذاعوا تحريم إشهار السيوف عنهم، ووحظر الدعوة إليها، لئلا يزاحم الاعداء ظهورهم وتواجدهم بين الناس. وقد أشاروا إلى مجئ منتظر يكون في أخر الزمان، إمام منهم، يكشف الله به الغمة، ويحيي به السنة، يهدي به الاقة، لا تسعه التقية عند ظهوره. و قد ذكر الشيخ في هذا المورد عدة من علامات الظهور. فلما ظهر ذلك من السلف من آباء صاحب الزمان عليهم السلام، وتحقق عند سلطان كل زمان وملك كل أو ان، علموا من الائمة الماضين عليهم السلام انهم لا يتدينون بالقيام بالسيف، و لا يرون الدعاء إلى أنفسهم، وأنهم ملتزمون بالتقية، وكف اليد، وحفظ اللسان، والتوفر على العبادات، والانقطاع إلى الله بالاعمال الصالحات. لما عرف الظالمون من الائمة هنه الحالات: أمنوهم على أنفسهم، مطمثنين بذلك إلى ما يدبرونه من شؤون أنفسهم، ويحققوه من دياناتهم، وكفهم ذلك عن الظهور والانتشار، واستغنوا به عن الغيبة والاستتار. لكن إمام هذا الزمان عليه السلام لما كان هو المشار إليه بسل السيف، والجهاد لاعدائه، وأنه هو المهدي الذي يظهر الله به الحق، ويبيد بسيفه الضلال، كان الاعداء يترصدونه، ويبغون قتله، ويطلبون قتله وسفك دمه. وحيث لم يكن أنصاره متهيئين إلى وقت ظهوره، لزمته التقية، وفرضت عليه الغيبة، إذ لو ظهر بغير أعوان لالقى نفسه بيده إلى التهلكة، ولو أظهر ________________________________________