هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين قال لعله يقيس أمر الدين برأيه قال نعم قال فقال جعفر لأبي حنيفة ما اسمك قال نعمان قال يا نعمان هل قست رأسك بعد قال كيف أقيس رأسي قال ما أراك تحسن شيئا هل علمت ما الملوحة في العينين والمرارة في الأذنين والحرارة في المنخرين والعذوبة في الشفتين قال لا قال ما أراك تحسن شيئا قال فهل علمت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان فقال ابن أبي ليلى يا ابن رسول الله أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها فقال أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله A قال إن الله تعالى بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذابتا وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجابا من الدواب فإن دخلت الرأس دابة والتمست الى الدماغ فاذا ذاقت المرارة التمست الخروج وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ وإن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شيء ويسمع الناس بها حلاوة منطقه قال فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان فقال إذا قال العبد لا إله فقد كفر فإذا قال إلا الله فهو إيمان ثم أقبل على أبي حنيفة فقال يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله A قال أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس قال الله تعالى له اسجد لآدم فقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس زاد ابن شبرمة في حديثه ثم قال جعفر أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا قال قتل النفس قال فإن الله D قبل في قتل النفسس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة ثم قال أيهما أعظم الصلاة أم الصوم قال الصلاة قال فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فكيف ويحك يقوم لك قياسك اتق الله ولا تقس الدين برأيك