ومحل قلوب الذاكرين متفاوتة فأصل الذكر إجابة الحق من حيث اللوازم لقوله عليه السلام من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته ثم ينقسم الذكر قسمين ظاهر وباطن فأما الظاهر فالتهليل والتحميد والتمجيد وتلاوة القرآن وأما الباطن فتنبيه القلوب على شرائط التيقظ على معرفة الله وأسمائه وصفاته وعلى أفعاله ونشر إحسانه وإمضاء تدبيره ونفاذ تقديره على جميع خلقه ثم يقع ترتيب الأذكار على مقدار الذاكرين فيكون ذكر الخائفين على مقدار قوارع الوعيد وذكر الراجين على ما استبان لهم من موعده وذكر المجتنبين على قدر تصفح النقباء وذكر المراقبين على قدر العلم باطلاع الله إليهم وذكر المتوكلين على قدر ما انكشف لهم من كفاية الكافي لهم وذلك مما يطول ذكره ويكثر شرحه فذكر الله منفرد وهو ذكر المذكور بانفراد أحديته على كل مذكور سواه لقوله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي والثاني إفراد النطق بألوهيته لقوله عليه السلام أفضل الذكر لا إله إلا الله .
قال الشيخ سألتم عن أيداع ذكر جماعة من نساك بلدنا وعبادهم ليكون الكتاب مختوما بذكرهم ونشر أحوالهم واعلموا أن طريقة المتقدمين من نساك بلدنا القدوة والاتباع لمتقدميهم من العمال والعلماء الذين لحقوا الأئمة والأعلام وقد ذكرت جماعة منهم في كتابنا بطبقات المحدثين من الرواة من أهل بلدنا منهم محمد بن يوسف المعداني المعروف بعروس الزهاد ومن ينحو نحوه في التنسك والتعبد والغالب من أحوالهم اغتنام الوقت وعنايتهم بجمع الهم ومحافظة الأوراد والتشمر للارتياد والتسارع إلى الاستباق فأما بسط الكلام في الأحوال والمقامات قولا بلا فعل فيرونه دعاوي لا حقيقة لها يحترزون منها غاية التحرز لا يريدون عما حواليهم بدلا ولا يبغون عنها حولا كانوا كما وصفهم به أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من أحوال المختارين من الصحابة والسالكين طريقتهم من التابعين فيما رواه عنه نوف البكالي وكميل