أخبرني عبدالواحد بن بكر ثنا محمد بن عبدالعزيز قال حدثني أبو عبدالله الحضرمي قال مكث أبو جعفر الحداد عشرين سنة يعمل في كل يوم بدينار وينفق على الفقراء ويصوم ثم يخرج من بين الصلاتين المغرب والعشاء فيتصدق ما يفطر عليه من الأبواب وكان يقول الفراسة هي أول خاطر فلا معارض فإن اعترض فيها معارض بشيء يزيل المعنى فليست بفراسة فإن ذلك خاطر أو محادثة النفس وحكى عنه أحمد بن النعمان أنه قال كنت جالسا على بركة بالبادية فيها ماء وقد مر علي ستة عشر يوما لم آكل ولم أشرب فانتهى إلي أبو تراب فقال لي ما جلوسك ههنا فقلت أنا بين المعرفة والعلم أنتظر ما يغلب علي فأكون معه فقال أبو تراب سيكون لك شأن وحكى عنه أبو الحسين العلوي قال قال أبو جعفر إذا رأيت ضر الفقير على ثوبه فلا ترج خيره 613 614 أبو جعفر الكبير وأبو الحسن الصغير ومنهم المعروفان بالمزينين الكبير أبو جعفر والصغير أبو الحسن جاورا الحرم سنين عدة وماتا بمكة كانا جميعا من الاجتهاد متمتعين وبالعبادة متنعمين .
سمعت والدي يقول سمعت أبا جعفر المزين الكبير يقول سمعت أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن يرفعهم بقدر عظمته ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن بقدر جوده وكرمه ولم يفرح المحزونين بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته .
سمعت أبا جعفر الخايط الأصبهاني بمكة يقول سمعت أبا جعفر المزين يقول محنتنا وبلاؤنا صفاتنا فمتى فنيت حركات صفاتنا أقبلت القلوب منقادة للحق منصرفة لحالها .
سمعت أحمد بن أبي عمران الهروي يقول حكى أبو نصر الهروي قال سمعت أبا الحسن المزين الصغير يقول دخلت البادية على التجريد حافيا حاسرا وكنت قاعدا على بركة الربذة فخطر بقلبي أنه ما دخل العام البادية أحد أشد