حكمة حكمائهم بل كان هو لسانهم الذي به ينطقون وبصرهم الذي به يبصرون وأسماعهم التي بها يسمعون وأيديهم التي بها يبطشون وقلوبهم التي بها يفكرون وبه في جميع أوصافهم يتصرفون بائن عن الحلول في ذواتهم وأبدأ الأشياء فيما بينه وبينهم قهر كل موجود وغمر كل محدود وأفنى كل معهود ظهر لأهل صفوته فلم يعترضهم الشك في ظهوره وحققهم به فلم يطلبوا الإدراك في تحصيله ألبس حقائقهم لبسة البقاء وأشهدهم نفسه بعد الفناء فلم يجعل للعلم إلى كيفيته سبيلا ولا إلى نعت ذلك تمثيلا بل جعل في الأصول وحكم العقول على صحة ذلك علما ودليلا ليهديه الحق إلى ذي العقل الأصيل والسالك في الوجه الجميل وذلك قول السيد الجليل في ذكره الرسول A بقوله ما زاغ البصر وما طغى وقوله ما كذب الفؤاد ما رأى أفتمارونه على ما يرى ولقد رآه نزلة أخرى فقال ابن عباس وهو من المختصين بالحكمة في التنزيل وأسماء بنت أبي بكر إن محمدا A رأى ربه وكذلك رواه أنس وغيره وأقول في ذلك ... لنعت لحاظ العين إن كان لحظها ... إلى وصفها حقا يليق ويرجع ... وأثبت لحظ العين منك بلبسة ... إلهية يعنى بها الطبع أجمع ... فأشهدنا مالا يحد ظهوره ... وليس له علم به اللفظ يصدع ... فلم يعترضها الشك فيما تحققت ... ولم يبق منها ما يشك ويجزع ... كذا من بجمع الحق كان ظهوره ... يخلصه من طبعه ثم يجمع ... .
أخبرنا عبدالواحد بن بكر قال حدثني أحمد بن سعيد قال سمعت أبا عبدالله القرشي وسئل عن البكاء الذي يعتري العبد من أي وجه يعتريه فقال الباكي في بكائه مستريح إلى لقائه إلا أنه منقطع راجع عما كان بينه وبينه فدخل عليه استراحة وشفاء ثم أنشأ يقول ... بكيت بعين ليس تهدى دموعها ... وأسعدها قلب حزين متيم ... فنوديت كيف تبكي فقلت لأنني ... فقدت أوانا كنت فيه أكلم