كان الجنيد له مواخيا وعليه حاميا وحانيا وذلك أن الجنيد بلغه أن بعض المتأولين زين له تأويلا فمال إليه فكتب إليه الجنيد رسالة .
أخبرنا بها أبو بكر محمد بن أحمد بن المفيد وحدثنا بها عنه أبو عمرو العثماني ثنا عبدالصمد بن محمد الجبلي قال كتب الجنيد إلى إبراهيم بن أحمد المارستاني رسالة فيها يا أبا إسحاق لا ضيع الله ميلي إليك ولا إقبالي عليك أنا عليك عاتب واجد ولما تقدم من فعلك غير حامد أرضيت أن تكون لبعض عبيد الدنيا عبدا أو يكون بطاعتك له عليك مهيمنا وربا يتخولك ببعض ما يعطيك ويمتهنك بيسير ما يزريك مبتذلا لك ثم يدنسك بأوساخ وضره ويجتذبك بمأثور ضرره فسبحان من بسط إليك به رحمته ورأفته فاستنقذك بذلك من وبال ما اخترته لنفسك وملت إليه لقد كدت أن تغرق في خلجان بحرها أو تهلك في بعض مفاوزها ولقد أوجب علي من الشكر لما جدد من النعمة عليك ووهب لي من السلامة فيك مالا أقوم به عجزا عن واجب حقه إلا أن يقوم به لي عني وأنا أسأل المنان المتطول بفضله المبتدي بكرمه وامتنانه أن يقوم لي عني بما قصر له به شكري بادئا في ذلك بالحمد والجود كما هو أهله بل مالا أحصيه من نعمه فليت شعري أبا إسحاق كيف معرفتك بما جدد لك من نعمه وآلائه وزوى عنك من عطب فرط بلائك وكيف علمك بعد معرفتك فيما ألزمك المنعم عليك والمنان بفضله وإحسانه فيما أسدى إليك ألك ليل ترقده أم نهار تمهده أم مستراح عن الجد تجده أم طعام تعهده أم سبب من الأسباب دون ذلك تقصده على أن ذلك غير نائب عنك في وجوب حق النعمة عليك فيما جدد به من عتيد البر لديك لكنه الغاية الممكنة من فعلك والاجتهاد في بلوغ الأجر من عملك فكن له بأفضل ما هيأ لك عاملا وعليه به في سائر أوقاتك مقبلا ثم كن له بعد ذلك خاضعا مذعنا ضارعا معترفا فإن ذلك يسير من كثير وجب له عليك وبعد يا أخي فاحذر ميل التأويل عن الحقائق وخذ لنفسك بأحكم الوثائق فإن التأويل كالصفاء الزلال الذي لا تثبت عليه الأقدام وإنما هلك من