قال أبو جعفر بن الفرجي مكثت عشرين سنة لا أسأل عن مسألة إلا ومنازلتي فيها قبل قولي وقال إذاصح الود سقطت شروط الأدب وحكى عبدالمنعم بن عمر عن أبي سعيد بن الأعرابي أنه قيل لأبي جعفر بن الفرجي إنك تنكر الزعقة والصيحة فقال إنما أنكرها على الكذابين وقال ما زعقت من عمري إلا ثلاث زعقات فإني انتهيت ببغداد يوما إلى الجسر وأخرج رجل من الشطاحين من السجن يضرب ثم رد إلى السجن والناس يتعجبون من صبره على الجلد فجئت إليه فقلت مسألة فقال أوسعوا له ما مسألتك قلت أسهل ما يكون الضرب عليكم أي وقت قال إذا كان من ضربنا له يرانا قال فصحت ولم أملك السكوت قال أبو سعيد بن الأعرابي أخبرني عمي يحيى بن أحمد قال أخبرني ابن المرزبان الصيقل قال أردت الخروج إلى مكة فرافق الجمال بيني وبين إنسان لا أعرفه فقلت له بعد أن رافقني نحتاج من الزاد كذا وكذا ومن الزيت كذا وكذا فقال قد اشتريت جميع ذلك فلا تشتر شيئا وظننت أنه يحاسبني عليه كما يفعل الرفقاء وكان في الطريق يسرف ويوسع النفقة فأقول في نفسي كل هذا يحاسبني به فكنت أحتشمه أن أقول له اقصر واحتمله فلما صرت بمكة عزم علي المقام بمكة فقلت له الحساب فقال سبحان الله تذكر مثل هذا وأقبل ينكر علي ذلك فقلت لا بد منه فأبى ذلك وقال من يفعل ذلك فسألت عنه فإذا هو الفرجي .
وروي عن أبي جعفر محمد بن الفرجي قال خرجت من الشام على طريق المفازة فوقعت في التيه فمكثت فيه أياما حتى أشرفت على الموت قال فبينا أنا كذلك إذا أنا براهبين يسيران كأنهما خرجا من مكان قريب يريدان ديرا لهما قريبا فقمت إليهما فقلت أين تريدان قالا لا ندري قلت أتدريان أين أنتما قالا نعم نحن في ملكه ومملكته وبين يديه فأقبلت على نفسي أوبخها وأقول لها راهبان يتحققان بالتوكل دونك فقلت لهما أتأذنان في الصحبة قالا ذلك إليك فاتبعتهما فلما جن الليل قاما إلى صلاتهما وقمت إلى صلاتي فصليت المغرب بتيمم فنظرا إلي وقد تيممت فضحكا مني فلما