سمعت محمد بن الحسين يقول سمعت أبا عبدالله الدارمي يقول سمعت أبا بكر العطوي يقول كنت عند الجنيد حين مات فختم القرآن ثم ابتدأ من البقرة فقرأ سبعين آية ثم مات C .
حدثنا أبو الحسن علي بن هارون قال سمعت أبا القاسم الجنيد بن محمد يقول وسأله جعفر ما تقول أكرمك الله في الذكر الخفي ما هو الذي لا تعلمه الحفظة ومن أين زاد عمل السر على عمل العلانية سبعين ضعفا فأجابه فقال وفقنا الله وإياكم لأرشد الأمور وأقربها إليه واستعملنا وإياكم بأرضى الأمور وأحبها إليه وختم لنا ولكم بخير فأما الذكر الذي يستأثر الله بعلمه دون غيره فهو ما اعتقدته القلوب وطويت عليه الضمائر مما لا تحرك به الألسنة والجوارح وهو مثل الهيبة لله والتعظيم لله والاجلال لله واعتقاد الخوف من الله وذلك كله فيما بين العبد وربه لا يعلمه إلا من يعلم الغيب والدليل على ذلك قوله D يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وأشباه ذلك وهذه أشياء امتدح الله بها فهي له وحده جل ثناؤه وأما ما تعلمه الحفظة فما وكلت به وهو قوله ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وقوله كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون فهذا الذي وكل به الملائكة الحافظون ما لفظ به وبدا من لسانه وما يعلنون ويفعلون هو ما ظهر به السعي وما أضمرته القلوب مما لم يظهر على الجوارح وما تعتقده القلوب فذلك يعلمه جل ثناؤه وكل أعمال القلوب ما عقد لا يجاوز الضمير فهو مثل ذلك والله أعلم وما روى في الخبر من فضل عمل السر على عمل العلانية وأن عمل السر يزيد على عمل العلانية سبعين ضعفا فذلك والله أعلم لأن من عمل لله عملا فأسره فقد أحب أن ينفرد الله D بعلم ذلك العمل منه ومعناه أن يستغني بعلم الله في عمله عن علم غيره وإذا استغنى القلب بعلم الله أخلص العمل فيه ولم يعرج على من دونه فاذا علم جل ذكره بصدق قصد العبد إليه وحده وسقط عن ذكر من دونه أثبت ذلك العمل في أعمال الخالصين الصالحين المؤثرين الله على من سواه وجازاه الله بعلمه بصدقة من الثواب