حدثني أبو عبدالله محمد بن علي الترمذي قال نور المعرفة في القلب وإشراقه في عيني الفؤاد في الصدر فبذكر الله يرطب القلب ويلين وبذكر الشهوات واللذات يقسو القلب وييبس فإذا شغل القلب عن ذكر الله بذكر الشهوات كان بمنزلة شجرة إنما رطوبتها ولينها من الماء فإذا منعت الماء يبست عروقها وذبلت أغصانها وإذا منعت السقي وأصابها حر القيظ يبست الأغصان فإذا مددت غصنا منها انكسر فلا يصلح إلا للقطع فيصير وقود النار فكذلك القلب إذا يبس وخلا من ذكر الله فأصابته حرارة النفس ونار الشهوة وامتنعت الأركان من الطاعة فإذا مددتها انكسرت فلا تصلح إلا أن تكون حطبا للنار وإنما يرطب القلب بالرحمة وما من نور في القلب إلا ومعه رحمة من الله بقدر ذلك فهذا هو الأصل والعبد ما دام في الذكر فالرحمة دائمة عليه كالمطر فإذا قحط فالصدر في ذلك الوقت كالسنة الجدباء اليابسة وحريق الشهوات فيها كالسمائم والأركان معطلة عن أعمال البر فدعا الله الموحدين إلى هذه الصلوات الخمس رحمة منه عليهم وهيأ لهم فيها ألوان العبادة لينال العبد من كل قول وفعل شيئا من عطاياه والأفعال كالأطعمة والأقوال كالأشربة فهي عرس الموحدين هيأها رب العالمين لأهل رحمته في كل يوم خمس مرات حتى لا يبقى عليهم دنس ولا غبار فإن الله اختار الموحدين ليباهي بهم يوم الجمع الأكبر في تلك العرصات الملائكة لان آدم وولده ظهر خلقهم من يده بالمحبة والملائكة ظهر خلقهم من القدرة لقوله كن فكان فمن محبته للآدميين يفرح بتوبتهم خلقهم والشهوات والشياطين في دار الابتلاء ليباهى بهم في ذلك الجمع ويقول يا معشر ملائكتى إن محاسنكم خرجت منكم ومن النور خلقتكم وأنتم في أعالي المملكة تعاينون عظمتي وحجتي وسلطاني وقد عريتم من الشهوات والشياطين والآدميون خرجت منهم هذه المحاسن من نفوسهم الشهوانية والشياطين قد أحاطت بهم في أداني المملكة ومن التراب خلقتهم فلذلك استوجبوا مني داري وجواري .
سمعت محمد بن الحسين بن موسى يقول سمعت منصور بن عبدالله