لا تغرنك قراءته والله والله إنه شر من الغناء وضرب العود وكان مهيبا ولم أسأله يومئذ فلما كان بعد أيام ارتفع إلى بني قشير فقمت وسلمت عليه فقلت يا أبا عبدالرحمن إنك قلت لي يومئذ كذا وكذا فكأنه نصيب عينه فقال لي يا أخي نعم لأن يطلب الرجل هذه الدنيا بالزمر والغناء والعود خير أن يطلبها بالدين ثم قال زهير لا أعلم أني توكلت على الله ساعة قط قال أحمد وسمعت الحصين بن جميل يقول سمعت زهيرا يقول إن قدرت أن تكون عند الله أخس من كلب فافعل قال أحمد وكتب إلينا وكان بأصبهان الوباء والمجاعة إن الموت كثير وقال لي حصين يا أبا يحيى تعال حتى نرتفع إلى زهير فنخبره بما كتب إلينا فلعله يدعو لهم بدعوة فأتيته فأخبرته بما كتب إلينا من كثرة الموت فقال لي لا تأمنن من الموت قلته ولا تخافن كثرته ثم قال حدثني معدي عن رجل يكنى بأبي البغيل وكان قد أدرك زمن الطاعون قال كنا نطوف في القبائل وندفن الموتى فلما كثروا لم نقو على الدفن فكنا ندخل الدار قد مات أهلها فنسد بابها قال فدخلنا دارا ففتشناها فلم نجد فيها أحدا حيا قال فسددنا بابها قال فلما مضت الطواعين كنا نطوف في القبائل وننزع تلك السدة التي سددناها فنزعنا سدة ذلك الباب التي دخلناها ففتشناها فلم نجد أحدا حيا قال فإذا نحن بغلام في وسط الدار طري دهين كأنه خذ ساعتئذ من حجر أمه قال ونحن وقوف على الغلام نتعجب منه قال فدخلت كلبة من شق أو خرق في حائط قال فجعلت تلوذ بالغلام والغلام يحبو إليها حتى مص من لبنها قال زهير قال معدي رأيت هذا الغلام في مسجد البصرة قد قبض على لحيته قال وكان زهير كثيرا ما يتمثل بهذا البيت ... حتى متى أنت في دنياك مشتغل ... وعامل الله عن دنياك مشغول ... قال أحمد وبلغني عن الباهلي قال كنت أقود زهيرا فلما أردت أن أفارقه قلت له أوصني قال إذا رأيت الرجل لا ينصف من نفسه فإن قدرت أن لا تراه فلا تراه قال أحمد وكان زهير أصيب ببصره في آخر عمره فبلغني أن بعض إخوانه استقبله بعد ما أصيب ببصره فسلم عليه فقال من الرجل