روح اليقين فاستلانوا ما استوعده المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون صحبوا الدنيا بأبدان قلوبها معلقة بالمحل الأعلى وبأعلي العلى عند الملك العالي فهذه صفة المنفرد في جماعة قيل فما المستجمع في خلوة قال مستجمع له بهمة قد جمع للهموم فصيرها هما واحدا في قلبه فاستجمعت له الهموم في مشاهدة الاعتبار وحسن الفكر في نفاذ القدرة فهو مستجمع لله بعقله وقلبه وهمه ووهمه كله وكل جوارحه مستجمعة منتصبة لدوام الذكر إلى وجود لحوق البصيرة وعوض الفطنة وسعة المعونة وليس شيء منه متفرقا ولا وهم معطلا وهذه صفة المستجمع في انفراده قيل فما معنى غائب في حضور قال غائب بوهمه حاضر بقلبه فمعنى غائب أي غائب عن أبصار الناظرين حاضر بقلبه في مراعاة العارفين .
أخبرنا جعفر بن محمد في كتابه وحدثني عنه محمد بن إبراهيم قال سمعت الجنيد بن محمد يقول سمعت الحارث بن أسد يقول المحاسبة والموازنة في أربع مواطن فيما بين الإيمان والكفر وفيما بين الصدق والكذب وبين التوحيد والشرك قال وسمعت الحارث يقول الذي يبعث العبد على التوبة ترك الإصرار والذي يبعثه على ترك الإصرار ملازمة الخوف وقال الحارث العبودية أن لا ترى لنفسك ملكا وتعلم أنك لا تملك لنفسك ضرا ولا نفعا والتسليم هو الثبوت عند نزول البلاء من غير تغير منه ظاهرا وباطنا والرجاء هو الطمع في فضل الله ورحمته وأقهر الناس لنفسه من رضي بالمقدور وأكمل العاقلين من أقر بالعجز أنه لا يبلغ كنه معرفته والخلق كلهم معذورون في العقل مأخوذون في الحكم ولكل شيء جوهر وجوهر الإنسان العقل وجوهر العقل الصبر والعمل بحركات القلوب في مطالعات الغيوب أشرف من العمل بالجوارح قال الشيخ C تعالى قد أتينا على طرف من كلام الحارث بن أسد مجتزيا من فنون تصانيفه وأنواع أقواله وأحواله بما ذكرنا إذ هو البحر العميق ورواياته عن المحدثين المشهورين في تصانيفه مدونة اقتصرنا من رواياته على ما