الحيل والثانية كثرة الممارسة حتى يألفها إلفا ويختارها اختيارا قيل فالتوكل في نفسه ما هو وما معناه قال قد اختلف الناس فيه قيل له اختصر منه جوابا موجزا قال نعم التوكل هو الاعتماد على الله بإزالة الطمع من سوى الله وترك تدبير النفوس في الأغذية والإستغناء بالكفاية وموافقة القلب لمراد الرب والقعود في طلب العبودية واللجأ إلى الله قيل فهل يلحق التوكل الأطماع قال يلحقه الأطماع من طريق الطباع خطرات ولا يضره ذلك شيئا قيل فما الذي يقويه على إسقاط الطمع قال اليأس مما في أيدى الناس حتى يكون بما معه من الثقة بما وعده سيده أغنى ممن يملك الدنيا بحزافيرها كما قيل لأبي حازم ألك مال قال أكثر المال ثقتي بربي ويأسى مما في أيدي الناس وكان أبو حازم يقول الدنيا شيئان شيء لي وشيء لغيري فما كان لي لو طلبته بحيلة من في السموات والأرض لم يأتني قبل أجله وما كان لغيري لم أرجه فيما مضى ولا أرجوه فيما بقي يمنع رزقي من غيري كما يمنع رزق غيري مني ففي أي هذين أفني عمري وكان بعضهم يقول ... اترك الناس فكل مشغلة ... وقد بخل الناس بمثل الخردلة ... لا تسل الناس وسل من أنت له ... قيل فما الذي يقوي المتوكل قال ثلاث خصال الأولى منها حسن الظن بالله والثانية نفي التهم عن الله والثالثة الرضا عن الله تعالى فيما جرى به التدبير لتأخير الأوقات وتعجيلها قيل بم تحلق هذه المنزلة قال بصفاء اليقين وتمامه فإن اليقين إذا تم سمي تمامه توكلا وهكذا قال ذو النون المصري فهم بالحالة العالية والمقام الشريف كما قال أبو سليمان الداراني لأحمد بن أبي الحواري ما من حال من حالات المتعبدين إلا وشيخك هذا قد دخل فيها وعرفها إلا هذا التوكل المبارك الذي ما أعرفه إلا بمشام الريح وقال ذو النون المصري المقامات سبع عشرة مقامة أدناها الإجابة وأعلاها صدق التوكل قيل فما أجمل ما تراه القلوب في باطنها ويلحقها فكر خواطر الأطماع