من محرابي بيدها رقعة فقالت يا أبا سليمان تحسن تقرأ فقلت نعم فقالت اقرأ هذه الرقعة ففككتها فاذا فيها ... ألهتك لذة نومة عن خير عيش ... مع الغنجات في غرف الجنان ... تعيش مخلدا لا موت فيها ... وتنعم في الجنان مع الحسان ... تيقظ من منامك إن خيرا ... من النوم التهجد بالقران ... .
حدثنا أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم المسوحي ثنا عبدالله بن الحجاج ثنا عبدالله بن اشنوية الأزدي بفارس ثنا العباس بن حمزة ثنا أحمد بن أبي الحواري قال دخلت على أبي سليمان وهو يبكي فقلت له مم تبكي فقال لي ويحك يا أحمد كيف لا أبكي وقد بلغني أنه إذا جن الليل وهدأت العيون وخلا كل خليل بخليله واستنارت قلوب العارفين وتلذذت بذكر ربهم وارتفعت هممهم إلى ذي العرش وافترش أهل المحبة أقدامهم بين يدي مليكهم في مناجاته ورددوا كلامه بأصوات محزونة جرت دموعهم على خدودهم وتقطرت في محاريبهم خوفا واشتياقا فأشرف عليهم الجليل جل جلاله فنظر إليهم فأمدهم محابة وسرورا فقال لهم أحبابي والعارفين بي اشتغلوا بي وألقوا عن قلوبكم ذكر غيري أبشروا فان لكم عندي الكرامة والقربة يوم تلقوني فينادي الله جبريل يا جبريل بعيني من تلذذ بكلامي واستراح إلي وأناخ بفنائي وإني لمطلع عليهم في خلواتهم أسمع أنينهم وبكاءهم وأرى تقلبهم واجتهادهم فنا فيهم يا جبريل ما هذا البكاء الذي أسمع وما هذا التضرع الذي أرى منكم هل سمعتم أو أخبركم عنى أحد أن حبيبا يعذب أحباءه أو ما علمتم أني كريم فكيف لا أرضى أيشبه كرمي أن أرد قوما قصدوني أم كيف أذل قوما تعززوا بي أم كيف أحجب غدا أقواما آثروني على جميع خلقي وعلى أنفسهم وتنعموا بذكري أم كيف يشبه رحمتي أو كيف يمكن أن أبيت قوما تملقوا لي وقوفا على أقدامهم وعند البيات أخزوهم أم كيف يجمل بي أن أعذب قوما إذا جنهم الليل تملقوني وكيفما كانوا انقطعوا إلي واستراحوا إلى ذكري وخافوا عذابي وطلبوا القربة عندي