مثل حاله وما وجدت في الشر نوعا أكثر منه ضررا في العاجل والآجل ولا أقل نفعا ولا أظهر جهلا ولا أعظم وزرا من مكتسبيه يبغضه عليه المتقون ويحذره الفاسقون ويهجره العاقلون والغيبة اسم لثلاثة معان ورابعها كبيرة تنبت عيب غيرك في القلب فتكره أن تتكلم به خوف عادية والمعنى الثاني أن تذكر باللسان وتكره أن تذكر اسم الرجل بعينه والثالث معناه في القلب والعفو وذكر الغيبة باللسان فاما إظهارك اسم الرجل فالغيبة المصرحة التي لم يبق صاحبها على نفسه ولا على جلسائه فإذا صح ذلك في العبد رقي منه إلى درحة البهتان فذكر فيه ما ليس فيه فصار مباهتا مغتابا نماما كاذبا باغيا لم يمتنع من خصلة من هذه الخصال التي ذكرتها وذلك كله مجانب لليقين مثبت للشك واعلم أن مخرج الغيبة من تزكية النفس ومن شدة رضى صاحبها عن نفسه وإنما اغتبته بما لم تر فيك مثله أو شكله ولم يغتب بشيء إلا ما احتملت لنفسك من العيب أكثر مما اغبتت إن كنت جاهلا بكثرة عيوب نفسك أو كنت عارفا بها وإنما يقبلها منك من هو مثلك ولو علمت أن فيك من النقصان أكثر مما تريد أن تنقص به لحجزك ذلك عن غيبة غيرك ولاستحييت أن تغتاب غيرك بما فيك من العيوب اذا عرفت وأنت مصر عليها فجرمك أعظم من جرم غيرك وإنما يساعدك على القبول منك من هو أعمى قلبا منك بمعرفة عيوب نفسه ولولا ذلك لما اجترأت على ذكر عيب غيرك عنده فاحذر الغيبة كما تحذر عظيم البلاء فإن الغيبة إذا ثبتت في القلب وأذن صاحبها في احتمالها بالرضى لسكونها حتى توسع لأخواتها معها في المسكن وأخواتها النيمية والبغي وسوء الظن والبهتان العظيم والكذب فاحذرها فإنها مزرية في الدنيا بصاحبها ومخزية له في الآخرة لأن الغيبة حرام في التنزيل فمن صحت فيه الغيبة صح فيه الكذب والبهتان وذلك لأنهما مجانبان للإيمان لأن الله تعالى حرم من المؤمن على لسان نبيه A ماله ودمه وأن يظن به ظن السوء وإنما الظن في القلب دون الإظهار فكيف بمن يظهر ما في القلب باللسان ما يعارض به عيب غيره بما