وليلتهم فكلما مضى عنهم يوم وليلة راقبوا أنفسهم فيها على جميل الطاعة كان عندهم غنما وذكروا اليوم الماضي فسروا به وصبروا أنفسهم فيها على المستقبل لانقضاء الأجل فيه أو في ليلته فأطرحوا شغل القلب بانقضاء تذكر غد وأعملوا أبدانهم وجوارحهم وفرغوا له قلوبهم فقصرت عندهم الآمال وقربت منهم الآجال وتباعدت أسباب وساوس الدنيا من قلوبهم وعظم شغل الآخرة في صدورهم ونظروا إلى الآخرة بعين بصيرة وتقربوا إلى الله D بأعمال زاكية واستقامت لهم السيرة حتى وجدوا حلاوة الطاعة في الدنيا حين ساعدتهم الزيادة في التقوى فقرت بالخوف أعينهم وتنعموا بالحزن في عبادتهم حتى نحلت أجسامهم وبليت أجسادهم ويبست على عظامهم جلودهم وقل مع المخلوقين كلامهم وتلذذوا بمناجاة خالقهم فقلوبهم بملكون السموات متعلقة وذكرهم بأهوال القيامة مقبلة مدبرة أبدانهم بين المخلوقين عارية فعموا عن الدنيا وصموا عنها وعن أهلها وما فيها وضح لهم أمر الآخرة حتى كأنهم ينظرون إليها فتخلص إلى ذلك قوم من طريق الاجتهاد لتذل لهم الأنفس وتخضع لهم الجوارح فاجتهد قوم في الصلاة لدوام الخشوع عليهم واجتهد قوم في الصوم لهدو الجوارح عنهم واجتهد قوم في ترك الشهوات وطلب الفوز وذلك من رياضة الأنفس حتى أفضوا بالأنفس الى الجوع ونحول الجسم .
حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال قرأت على عبدالعزيز بن محمد عن أبي عبدالله الأنطاكي قال ان الحكماء نظروا الى الدنيا بعين القلا إذ صح عندهم ان شهوات الدنيا تفسد عليهم حكمتهم ونظروا الى الآخرة بأعين قلوبهم فصيروا الدنيا عندهم معبرا يجوزون عليها لا حاجة لهم في الإقامة فيها والآخرة منزلا لا يريدون به بدلا ولا عنها حولا فسرحت أحوالهم في ملكوت السماء واتخذوا للمكروه في جنب الله تعالى جنة همومهم في قلوبهم وقلوبهم عند ربهم نظروا بأعين القلوب واستربحوا دلالات العقول على جلب الهدى نظروا بأعين قلوبهم إلى الآخرة دلالات العقول على جلب الهدي نظروا بأعين قلوبهم إلى الآخرة