فادفع إليه هذه المائة الدينار فانطلق الحارث فإذا هو بعمير جالس يفلي قميصه إلى جانب الحائط فسلم عليه الرجل فقال له عمير انزل رحمك الله فنزل ثم سأله فقال من أين جئت قال من المدينة قال فكيف تركت أمير المؤمنين قال صالحا قال فكيف تركت المسلمين قال صالحين قال أليس يقيم الحدود قال بلى ضرب ابنا له أتى فاحشة فمات من ضربه فقال عمير اللهم أعن عمر فإني لا أعلمه إلا أشديدا حبه لك قال فنزل به ثلاثة أيام وليس لهم إلا قرصة من شعير كانوا يخصونه بها ويطوون حتى أتاهم الجهد فقال له عمير إنك قد أجعتنا فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل قال فأخرج الدنانير فدفعها إليه فقال بعث بها إليك أمير المؤمنين فاستعن بها قال فصاح وقال لا حاجة لي فيها ردها فقالت له امرأته إن احتجت إليها وإلا فضعها مواضعها فقال عمير والله مالي شيء أجعلها فيه فشقت امرأته أسفل درعها فاعطته خرقة فجعلها فيها ثم خرج فقسمها بين أبناء الشهداء والفقراء ثم رجع والرسول يظن أنه يعطيه منها شيئا فقال له عمير اقرأ مني أمير المؤمنين السلام فرجع الحارث إلى عمر فقال ما رأيت قال رأيت يا أمير المؤمنين حالا شديدا قال فما صنع بالدنانير قال لا أدري قال فكتب إليه عمر إذا جاءك كتابي هذا فلا تضعه من يدك حتى تقبل فأقبل إلى عمر رضي الله تعالى عنه فدخل عليه فقال له عمر ما صنعت بالدنانير قال صنعت ما صنعت وما سؤالك عنها قال أنشد عليك لتخبرني ما صنعت بها قال قدمتها لنفسي قال رحمك الله فأمر له بوسق من طعام وثوبين فقال أما الطعام فلا حاجة لي فيه قد تركت في المنزل صاعين من شعير إلى أن آكل ذلك قد جاء الله تعالى بالرزق ولم يأخذ الطعام وأما الثوبان فقال إن أم فلان عارية فأخذهما ورجع إلى منزله فلم يلبث أن هلك C فبلغ عمر ذلك فشق عليه وترحم عليه فخرج يمشي ومعه المشاؤن إلى بقيع الغرقد فقال لأصحابه ليتمن كل رجل منكم أمنية فقال رجل وددت يا أمير المؤمنين أن عندي مالا فأعتق لوجه الله D كذا وكذا وقال آخر وددت يا أمير المؤمنين أن عندي مالا فأنفق